للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله: «قال الله تعالى: ﴿لَا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ (٢٣)[الأنبياء]».

ختم الشيخ هذه العبارات المتعلقة بالقدر بهذه الآية من القرآن: ﴿لَا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ (٢٣)[الأنبياء]، هذا مما وصف الله به نفسه، وتقدم (١) أن كل نفي يوصف الله به؛ فلا بد أن يتضمن إثبات كمال، فلا يوصف تعالى بالنفي المحض الذي لا يتضمن ثبوت كمال؛ لأن النفي المحض ليس فيه مدح ولا كمال، فمما وصف الله به نفسه من النفي: أنه لا يُسأل عما يفعل، لا يتوجه إليه السؤال، وذلك لكمال حكمته، وليس هذا لقوته وقدرته وسلطانه، فمن كان معروفًا بكمال الحكمة لا يقال: لِمَ فعلتَ كذا؟ ولِمَ كان منك كذا؟ لأنه حكيم، وأما العباد فإن أقوالهم وأفعالهم عرضة للنقص والخلل والعيب والانحراف فهم يُسألون عن أفعالهم في الدنيا بحكم الشرع، ويُسألون في الآخرة، قال تعالى: ﴿فَوَرَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٩٢) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٩٣)[الحجر]، وقال النبي : «لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما أفناه، وعن علمه ما فَعلَ به، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن جسمه فيم أبلاه» (٢).

فالعباد يُسألون، أما الله تعالى فلا يُسأل: لِمَ فعلتَ؟ على وجه الاعتراض، أما السؤال لمزيد المعرفة فلا مانع منه كأن يقول الإنسان:


(١) ص ٣٩.
(٢) رواه الدارمي (٥٤٣)، وعنه الترمذي (٢٤١٧) - وقال: حسن صحيح - من حديث أبي برزة الأسلمي ، وانظر: السلسلة الصحيحة (٩٤٦).

<<  <   >  >>