للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ﴾ [الروم: ٢٨]، لكن يكون مالكًا لما يُمَلِّكُه سيده، والله تعالى يُمَلِّكُ من شاء ما شاء، كما يُمَلِّك العباد ما يعطيهم من الأرزاق يقول : ﴿قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ﴾ [آل عمران: ٢٦].

وقوله: «ولا غنى عن الله تعالى طرفة عين».

لا غنى لأحد عن الله طرفة عين، فالخلق كلهم فقراء مفتقرون إلى الله افتقارًا ذاتيًّا، فليس لشيء من ذاته إلا العدم، فالافتقار صفة ذاتية للمخلوق، فالخلق فقراء إلى الله في كل لحظة، ولا يستغني أحد عن الله طرفة عين، بل هم دائمًا وأبدًا مفتقرون إلى الله في وجودهم، وفي كل شؤونهم، ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (١٥)[فاطر]، ومن تحقيق الإيمانِ بربوبيته الإيمانُ بغناه عن كل ما سواه، وبفقر كل ما سواه إليه، فهو تعالى الغني بذاته عن كل ما سواه وكل شيء فقير إليه، مفتقر إليه، فلا غنى عن الله طرفة عين.

وقوله: «ومَن استغنى عن الله طرفة عين؛ فقد كفر وصار من أهل الحَين».

في الواقع لا يمكن لأحد أن يستغني عن الله طرفة عين، لكن الاستغناء الذي يقع من بعض الخلق هو استغناء شعوري كما يحصل من أهل الكفر، فالكافر والغافل هو الذي يمكن أن يستشعر في ذهنه أنه مستغن عن الله، وهو في الواقع غير مستغن، لكن هذا الاستغناء هو بحسب ما يتخيله، وهذا من طغيان العبد وجهله واغتراره بنفسه،

<<  <   >  >>