للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ظاهره وما يتبعه فيه من الأحكام، كما هو أخذ عن الله في السر ما هو في الصورة الظاهرة متبع فيه؛ لأنه يرى الأمر على ما هو عليه، فلا بد أن يراه هكذا، وهو موضع اللبنة الذهبية في الباطن! فإنه يأخذ من المعدن الذي يأخذ منه المَلَك الذي يُوحى إليه إلى الرسول قال: فإن فهمت ما أشرنا إليه، فقد حصل لك العلم النافع!

فمن أكفر ممن ضرب لنفسه المثل بلبنة ذهب، وللرسول المثل بلبنة فضة، فيجعل نفسه أعلى وأفضل من الرسل؟! تلك أمانيهم، ﴿إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ﴾ [غافر: ٥٦]، وكيف يخفى كفر من هذا كلامه؟» (١).

فلهذا يقول الطحاوي : «ولا نفضل أحدًا من الأولياء على أحد من الأنبياء ، ونقول: نَبِيٌّ واحدٌ أفضل من جميع الأولياء».

والنبي والولي والرسول بين هذه المراتب الثلاث عموم وخصوص، فكلُّ رسولٍ نبيٌّ، وكلُّ نبيٍّ وليٌّ، فالرسل هم أفضل الأنبياء، وهم جميعًا أفضل الأولياء، وليس كل ولي نبيًّا، والله تعالى قد قال: ﴿أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (٦٢) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (٦٣)[يونس]، فهذا هو تعريف الولي: كل مؤمن تقي؛ فهو ولي - وأما تعريف النبي والرسول فقد تقدم (٢) -، وهذا وصف ينطبق على الأنبياء بما فيهم الرسل، وينطبق على الصديقين والشهداء والصالحين، وهذه الآية لا نقول: إنها في خصوص الولي الذي ليس بنبي، لا؛ بل هي عامة، ﴿أَلَا


(١) ص ٧٤٤.
(٢) ص ١٠١.

<<  <   >  >>