للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«وكما كان في صفاته أزليًّا كذلك لا يزال عليها أبديًّا».

أفاد في هذه الجملة أن الله تعالى موصوف بصفات الكمال أزلًا وأبدًا، لا يتجدد له شيء من الكمال لم يكن، ولا يعدم شيئًا من كماله، فهو الموصوف بصفات الكمال على الدوام أزلًا وأبدًا.

قال الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا (٥٨)[النساء]، ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا (٥٦)[النساء]، ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (١١)[النساء]، ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (٢٣)[النساء]، و «كان» في مثل هذا تفيد الاستمرار، كان ولا يزال؛ لأن حدوث الكمال يستلزم سبق النقص، والله تعالى منزهٌ عن النقص، فحياته لم تُسبق بموت، تعالى الله، وعلمه لم يُسبق بجهل، فلا يقال: إنه تعالى علم بعد أن لم يكن عالمًا، وكان سميعًا بعد أن لم يكن، أو بصيرًا بعد أن لم يكن، تعالى الله، فهذا شأن المخلوق، فهو الذي كان بعد أن لم يكن، وتكلم بعد أن لم يكن متكلمًا، أما الخالق فلم يزل عالمًا، ولم يزل سميعًا بصيرًا، عزيزًا حكيمًا، غفورًا رحيمًا، حيًّا قيومًا، لم يزل فعَّالًا لما يريد، لم يزل على كل شيء قديرًا، لم يزل متكلمًا إذا شاء بما شاء، ولا يزال كذلك.

وهذه كلمة عامة من المصنف في كل الصفات «ما زال بصفاته»، لم يخص شيئًا من الصفات.

* * *

<<  <   >  >>