(٢) والواقع أنه حتى انفصام الشخصية لا ينطبق في حقيقته على ما تعتقده المرجئة؛ لأن السلوك المتناقض فيه نتيجة شخصيتين قائمتين فعلا في شخص واحد بالتعاقب. (٣) إذا كان هذا مذهب المرجئة - أو لازم قول بعضهم وإن لم يلتزمه - وهو عجيب، فيحق لنا أن نعجب أيضا لأقوام ينتسبون إلى العلم ولا يقرون الإرجاء نظريا، ولكنهم يجادلون عن أناس وقفوا أنفسهم على حرب الله ورسوله ومعاداة الدين وأهله، وطمس معالم الحق والهدى ومحاربة أحكام الشريعة وموالاة أعداء الله، وجعلوا ذلك شغلهم الشاغل وعملهم الدائب وهمهم الأكبر لا يشذ عنه إلا أعمال من التلبيس يذرون بها الرماد في العيون، وقد كان أهل الجاهلية الأولى يتنسكون بمثلها أو أكثر منها، وقد قال الله تعالى: «إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما، واستغفر الله إن الله كان غفورا رحيما، ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما» [النساء: ١٠٥- ١٠٧]