للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الخاتمة]

تقرر مما سبق عن حقيقة النفس الإنسانية أن كل إنسان همام - أي مريد ومفكر - وأن كل همام حارث - أي عامل كادح -، وأن كل عامل له غاية ومراد ينتهي إليها همه وإرادته ويقصدها بكدحه وعمله، فهو عامل لها أي عابد ولا بد!

وتقرر قبله ومعه أن الإسلام هو دين الفطرة القويمة أنزله الله متسقا مع حقيقة الإنسان مستوعبا كل نشاطه وحركته - هما وحرثا وفكرا وعملا - ومن ثم جاء منهجا متكاملا لإصلاح النشاط الإنساني كله؛ إصلاح الخواطر والأفكار بالاعتقادات الحقة والإرادات الصحيحة والنية الخالصة، وإصلاح الأعمال بأنواع الطاعات والبر والمعروف.

وتكفل ببيان ضد ذلك من الاعتقادات الباطلة والإرادات الفاسدة والأعمال السيئة والتحذير منها.

وكما أن الإنسان لا يمكن أن يكون هماما ولا يكون حارثا؛ فإن الإيمان لا يمكن أن يكون اعتقادا ولا يكون عملا.

ومن هنا نستطيع أن نتبين أي المذهبين في الإيمان هو الحق؛ مذهب أهل السنة والجماعة أم مذهب المرجئة؟

ومعيار الحكم في هذا يبدأ من أصل الخلاف، وهو اختلاف مصدري التلقي والاستمداد عند الفريقين؛ فمن يستقي من مصدر الوحي المعصوم فضروري أن يكون مذهبه هو الحق المتفق مع حقيقة الإنسان تبعا لما تقرر من اتفاق دين الله ووحيه مع خلقه وفطرته، ومن استقى من مصدر آخر - أياًّ كان - فلا بد أن يقع في التناقض، وأن يصادم حقيقة الإنسان تبعا لمخالفته لصريح القرآن!

وبنظرة عامة لما سبق نستطيع أن نستخرج بسهولة هذه النتيجة: أن أهل السنة والجماعة في اعتقادهم الجازم أن الإيمان عمل، والعمل إيمان - على ما سيأتي إيضاحه - إنما يستقون من معين الوحي المعصوم - كتابا وسنة - ما هو منسجم قطعا مع حقيقة النفس الإنسانية.

<<  <   >  >>