[المبحث الأول: ما في ظاهر ألفاظ بعض السلف من اختلاف عما نقلنا وجوابه]
سبقت الإشارة إلى أن بعض السلف عبروا عن المعنى الواحد المجمع عليه بينهم بعبارات مختلفة، ولما كان ظاهر بعض هذه العبارات قد يفهم منه مخالفته للعبارة المختارة المنقولة عن الأكثر وهي:"قول وعمل يزيد وينقص"، فإنه يحسن بنا إيضاح المسألة ورفع هذا الاحتمال، فنقول:
قد نقلت كتب السنة - المذكور أكثرها قريباً - مثل كتاب الخلال والسنة لعبد الله بن الإمام أحمد واللالكائي والآجري وابن بطة والطبري - أقوالاً من هذا القبيل عن بعض السلف - كسفيان والأوزاعي ونحوهم، وبعضها عن المتقدمين من الصحابة والتابعين.
ومدار هذه الأقوال على وجوه:
١ - من عرف الإيمان ببعض خصاله، كمن قال: الإيمان هو الصبر واليقين. أو الإيمان هو الصبر والشكر ونحوها، ومعلوم أن هؤلاء لم يقصدوا حقيقة التعريف الاصطلاحي، وإنما قصدوا بيان أهمية هذه الخصلة، وقد ورد نحو ذلك في أحاديث مرفوعة يأتي بعضها في مبحث أعمال القلوب.
٢ - من زاد في التعريف زيادة قد يحسبها الناظر ركناً أو قيداً لا يتم التعريف إلا به، وأكثر ما ورد من ذلك زيادة بعضهم لفظ (النية) فقالوا: "هو قول وعمل ونية" ومنهم من زاد عليها: "موافقة السنة". ومن الواضح أن هذه الزيادات لم يقصد بها أن الكلمة المتواتر نقلها:"قول وعمل" ناقصة فاستدركوا على قائليها بهذا الزيادة، وإنما قصدوا التنبيه على صحة النية وموافقة السنة، مع دخولها في أعمال القلب والجوارح التي تشملها جميعاً كلمة "قول وعمل" على ما سيأتي تفصيله في المبحث التالي.