ومعلوم أن أي إجماع لا بد له من مستند نصي، وهذا الإجماع يستند إلى نصوص كثيرة جدا، بل ربما كانت هذه القضية أعظم مسائل الخلاف بين الأمة إجماعا من الصدر الأول، من حيث تواتر النصوص وتواتر نقل الأقوال فيها.
ونظرا للاختصار رأيت الاكتفاء بنصين مفصلين من كلام أئمة السنة مذكور فيهما مستند الإجماع:
١ - كلام الإمام هشام بن عمار (مقرئ الشام ومحدثها في عصره) المتوفى ٢٤٥ هـ (١) :
قال رحمه الله: "ومما يبين لأهل العقل أن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من الأحاديث:
أن الحياء شعبة من شعب الإيمان.
وأن حسن العهد من الإيمان.
وأن الإيمان عرى، وأوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله.
وأن للإيمان أركانا ودعائم وذروة وحقيقة ومحضا وصريحا وصدقا وبرا وحلاوة وزينة ولباسا وشطرا".
ثم فصل هذا فقال:
"فمن أركانه: التسليم لأمر الله (الشرعي) ، والرضا بقدر الله (الكوني) ، والتفويض إلى الله والتوكل على الله.
ومن دعائمه: الصبر واليقين والعدل والجهاد.
وصريح الإيمان: أن يصل من قطعه، ويعطي من حرمه، ويعفو عمن ظلمه، ويغفر لمن شتمه، ويحسن إلى من أساء إليه.
وذروته: أن يكون الفقر أحب إليه من الغنى، والتواضع أحب إليه من الشرف، وأن يكون ذامه وحامده في الحق عنده سواء.
وحقيقته: ما روي من: "ثلاث من كن فيه فقد استوجب حقيقة الإيمان: حب الرجل المرء في الله ... " (الحديث) .
(١) وهو شيخ الإسلام البخاري، وقد تتلمذ على يد مالك، وكان معاصرا للإمام أحمد، انظر: سير أعلام النبلاء (١١/٤٢٠ - ٤٣٥) .