للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣ - ومنهم المستشرق اليهودي الحاقد "جولد زيهر":

الذي يتميز بمهارة فائقة في الدس والتزوير والافتراء، وهو يذهب إلى أن المرجئة من أهل السنة والجماعة، وتبعه على ذلك مقلدون كثير، ورأيه هذا يبدو فيه العمق وبعد الهدف الخبيث أكثر من صاحبيه.

وعلى هذا سار "فاروق عمر"؛ الذي ينقل عنه - مقراً مؤيداً -: "لم يكن مذهب أهل السنة والجماعة في بدايته إلا فكرة غامضة مرنة تتسع لكثير من الجماعات، وبعد المحنة التي عركت الأمة الإسلامية أثناء الحرب الأهلية الأولى وما جرى في أعقابها، بانت الخصائص الأولى لمذهب أهل السنة، حيث انقسم المسلمون إلى فئتين تمثل الأولى" دين عثمان"، وتمثل الثانية" دين مروان" ... " (١) .

والعجيب أن هذا المؤرخ العربي - مع إقراره بهذه الفكرة وبالقسمة المضحكة التي قسمها "جولد زيهر" - ينقل أيضاً وجهة نظر "فلوتن" في موضع آخر مؤيداً لها، ناسياً اختلاف نظرة كل من المستشرقين ومرماه البعيد، فيقول: "ولعل أبيات ثابت قطنة تشير إلى أن المرجئة ستظهر رأيها بوضوح في أعمال الجور والتعسف والفساد، ويؤكد "فان فلوتن" أن المرجئة كانوا لا يتحرجون عن قتال أية حكومة تقر مثل تلك المظالم" (٢) .

وعلى هذا الرأي سار المؤرخ البعثي "شاكر مصطفى"، فهو أيضاً يعتبر المرجئة ضمن الاتجاهات التي تشكل ما يسمى: "السنة والجماعة"، ويسميهم المرجئة أهل الاعتزال الأول، ويصف هذه الاتجاهات قائلاً:

"والصفة التي تجمع هؤلاء جميعاً بعضهم إلى بعض هي الوقوف بجانب الخلفاء الأمويين سياسياً في الأزمات، أو المهادنة لهم، والاحتفاظ بالرأي الديني في حيز الفكر، وعدم نقله إلى العمل الثوري" (٣) .

ولا يخفى تناقض هذا مع ما قرره الآخرون من أن المرجئة حركة ثورية لها أثر ضخم في التاريخ.


(١) العباسيون الأوائل، ص ٦٠.
(٢) المصدر السابق، ص ١١٧.
(٣) دولة بني أمية (٢/٤٩) .

<<  <   >  >>