للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والزبير ومعاوية.. إلخ مؤمنون (١) ، لأنهم لم يشركوا بالله، فلا ننفي عنهم اسم الإيمان، ولكن لا ولاية لهم ولا محبة، نظراً لما ارتكبوه، ومقتضى ذلك - كما رأينا من واقع انشقاقاتهم - أن يقولوا: إن الخوارج مخطئون في تكفيرهم لهم!!.

وإذا أضفنا إلى هذا ما لاحظناه من براءة الخوارج من مخالفيهم ومنابذتهم لهم، وتصورنا ما لا بد أن تتعرض له هذه الطائفة من مهاجمتهم وعداوتهم، وما سوف تقابلهم به هي بطبيعة الحال، أدركنا أن من الممكن المعقول أن يتعمق العداء بينهما، ليصبح عداء بين منهجين متفاصلين متضادين، لا سيما إذا وضعنا في الحسبان أن هذه العقيدة تتفق مع "الإرجاء"، الذي هو موقف نفسي يمكن أن يقع عند كل خلاف - كما أسلفنا وذكرنا - وجهة نظر أصحابه في الفتنة الأولى.

ويؤكد لنا صحة ما ذهبنا إليه منطوق قصيدة "ثابت قطنة"، المسمى "شاعر المرجئة" وهي ما يوصف بأنه الأثر الإرجائي الوحيد الباقي (٢) .

وهذا ما يقودنا تلقائياً إلى الحديث عما سمي تاريخياً "المرجئة الأولى"، والاستقلال عن موضوع الخوارج ابتداءاً من هذه النقطة.

* المرجئة الأولى:

المرجئة الأولى علم على الطائفة التي فصلنا الحديث عن نشأتها في المبحث السابق "أي الاتجاه التوسطي أو التوقفي من الخوارج" ومن وافقها في نظرتها للصحابة خاصة.

وهذه التسمية صحيحة وثابتة، وما حفظه التاريخ عن هذه الطائفة - على قلته - يكفي لإعطاء تصور جيد عنها.

ولن نتبع منهج المؤرخين والباحثين في استقاء فكرتها من قصيدة ثابت قطنة ونحوها، بل نسلك مسلك المحدثين فنأخذ الحديث عنها من مصادره الصحيحة - إن وجدت - ثم نعرج على ما أثر في كتب التاريخ والفرق والأدب.


(١) أي مسلمون.
(٢) أنظر: الفرق الإسلامية في الشعر الأموي، نعمان القاضي، ص٧٣٤، وهذا صحيح بالنسبة للإرجاء الخاص بالصحابة.

<<  <   >  >>