للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقالوا مؤمن دمه حلال ... وقد حرمت دماء المؤمنينا (١)

ومن أهمية إرجاء عون، أنه سطر لنا في هذه الأبيات شيئاً مما تعتقده المرجئة الأولى، وهي أبيات يصعب فهمها وتفسيرها على من لم يفهم حقيقة هذا الإرجاء من غيرها.

والتفسير الذي يتناسب مع عقيدة القوم، أنهم يعتقدون في عثمان وعلي الإيمان ولا يخرجونهما من الملة، لكنهم يطعنون في إمامة علي، ويصفونه بالجور في السيرة، حيث سفك من الدماء - بزعمهم - ما سفك.

وكذلك يرون مع إيمان عثمان أنه دمه كان حلالاً، لأنه عدل عن سيرة الشيخين وارتكب ما ارتكب بزعمهم!!

هذه هي عقيدتهم التي نقضها عون، والتي ربما لم يتبين له لوازمها البعيدة إلا بعد مقابلته لعمر، وقد ردها بقوله:

... ... وقالوا مؤمن من آل جور ... ... وليس المؤمنون بجائرينا

والمقصود هنا علي، أي أن الشهادة له بالإيمان تقتضي منكم ألا تصفوه بالجور، لا سيما والأصل الذي انشقوا عنه "الخوارج" يرى التكفير بالجور كأي معصية، فمن أثبت له الإيمان، لزمه أن ينفي عنه الجور.

وأما عثمان، فكيف تثبتون له الإيمان، ثم تقولون: إن دمه حلال، ودماء المؤمنين حرام معصومة؟!

هذا ما ظهر لي والله أعلم.


(١) انظر: تهذيب الكمال (٢/١٠٦٦) ، وتهذيب التهذيب (٨/١٧١- ١٧٣) ، وسير أعلام النبلاء (٥/١٠٣- ١٠٥) ، والأغاني (٩/١٣٩)

<<  <   >  >>