للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حدثنا محمد بن عرعرة؛ حدثنا شعبة عن زبيد؛ قال: سألت أبا وائل عن المرجئة، فقال: حدثنى عبد الله أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: " سباب المسلم فسوق وقتاله كفر " (١) .

فالآثار التي ذكرها البخارى فى الترجمة تدل على أنه عقد هذا الباب للرد على المرجئة القائلين: أن الإيمان قول بلا عمل، وأن الناس يتساوون فيه، وهذا هو إرجاء الفقهاء - كما سيأتى بيانه - ثم ذكر الحديث الذى يعطينا أقرب تحديد لنشأة هذه الفرقة فالمسئول عنهم هو أبو وائل، شقيق ابن سلمى التابعى المشهور، من خيار أصحاب عبد الله ابن مسعود رضى الله عنه، وقد توفى قبل نهاية القرن الأول - مع الخلاف فى تحديد تاريخ وفاته -؛ فقد قال محمد بن عثمان بن أبى شيبة: مات فى زمان الحجاج، بعد الجماجم، وقال الخليفة بن خياط: مات بعد الجماجم سنة اثنتين وثمانين، وقال الواقدى: مات فى خلافة عمر بن عبد العزيز، وكذلك روى عن أبى نعيم قال المذى: والمحفوظ الأول (٢) .

قال الحافظ فى الفتح: " قوله: سألت أبا وائل عن المرجئة أى عن مقالة المرجئة، ولأبى داود الطيالسى، عن شعبة، عن زبيد، قال: لما ظهرت المرجئة أتيت أبا وائل، فذكرت ذلك له. فظهر من هذا أن سؤاله كان معتقدهم، وأن ذلك كان حين ظهورهم، وكانت وفاة أبى وائل سنة تسع وتسعين وقيل سنة اثنتين وثمانين، ففى ذلك دليل على أن بدعة الإرجاء قديمة " (٣) .

هذا، وفى رواية عبد الله بن أحمد عن أبيه بسنده إلى زبيد قال: " لما تكلمت المرجئة أتيت أبا وائل فسألته ... الحديث، وذكر عن شعبه أنه قال: وحدثنيه الأعمش ومنصور، سمع أبا وائل عن عبد الله ... " (٤) .

وأبو وائل عَمَّر طويلا، فقد أدرك النبى صلى الله عليه وسلم، ودفع لعامله الصدقة، لكنه لم يظفر بشرف رؤيته. وأما السائل " زبيد "، فهو زبيد بن الحارث اليامى المتوفى سنة ١٢٢ هجرى، وهو من صغار التابعين، رأى عددا من الصحابة، ذكر أبو نعيم منهم ابن عمر وأنس (٥) .


(١) الفتح (١/١١٠) .
(٢) تهذيب الكمال (١/٥٨٧) .
(٣) الفتح (١/١١٢) .
(٤) السنة، ص٧٧.
(٥) انظر: سير أعلام النبلاء (١٥ / ٢٩٦) ، وطبقات ابن سعد (٦/ ٢١٦) .

<<  <   >  >>