الطور النهائي للظاهرة بالنسبة للمرجئة الفقهاء - هي على مذهب أبي حنيفة كما تزعم، والخلاف بينها وبين السلف صوري.
وسوف نبطل ذلك ببيان حقيقة الخلاف بين أبي حنيفة والسلف، ثم نبين بعد خروج مذهب الماتريدية عن حقيقة مذهب الإمام (١) .
بل إن بيان مذهب أبي حنيفة والمرجئة الفقهاء عامة لهو مما يدل على انقراضه إلا من أمثال هذين الإمامين.
* فما حقيقة الخلاف بين مذهب السلف ومذهب الحنفية؟
قبل الإجابة المباشرة يجب أن نتذكر ما سبق في فصل " المرجئة الفقهاء " من نقل ذم علماء السلف للمرجئة وأنهم هم هؤلاء، وبيان ظلالهم وبدعتهم، وهو ما تنصح به كتب العقيدة الأثرية عامة، فهل يعقل أن يكون هذا كله والخلاف لفظي فقط؟!
والذي تبينته من خلال الدراسة والتتبع أن سبب اللبس الواقع أحياناً هو أن للمسألة جانبين:
* الأول: ما يتعلق بحقيقة الإيمان أو ماهيته التصورية إن صح التعبير:
والخلاف فيها حقيقي قطعاً، وله ثمراته الواضحة وأحكامه المترتبة مثل:
١ - فالسلف يقولون بزيادته ونقصانه، وهؤلاء يقولون بعدمها.
٢ - إطلاقه على الفاسق أو عدمه، فالسلف لا يطلقونه على الفاسق إلا مقيداً، وهؤلاء بعكسهم.
٣ - هل يقع تاماً في القلب مع عدم العمل أم لا؟ عند السلف لا يقع تاماً في القلب مع عدم العمل، وعند هؤلاء يقع.
٤ - وعند السلف أعمال القلب هي من الإيمان، وعند هؤلاء خشية وتقوى لا تدخل في حقيقته.
٥ - وعند السلف الإيمان يتنوع باعتبار المخاطبين به ... فيجب على كل أحد بحسب حاله وعلمه ما لا يجب على الآخر من الإيمان، وعند هؤلاء لا ينوع.
٦ - السلف يقولون إنه يستثنى فيه باعتبار، وهؤلاء يقولون لا يجوز ذلك لأنه شك.
(١) وهذا الأخير موضعه حكم تارك العمل في الطور النهائي للظاهرة.