قال:" وقوله شرط: أى خارج عن ماهيته، وهذا القول لمحققي الأشاعرة والماتريدية ولغيرهم.
وقد فهم الجمهور أن مرادهم أنه شرط لإجراء أحكام المؤمنين عليهم من التوارث والتناكح والصلاة خلفه وعليه والدفن فى مقابر المسلمين ومطالبته بالصلوات والزكوات وغير ذلك، لأن التصديق القلبى - وإن كان إيمانا - (١) إلا أنه باطن خفى، فلا بد له من علامة ظاهرة تدل عليه لتناط - أي تعلق - به تلك الأحكام، فمن صدق بقلبه ولم يقر بلسانه لا لعذر منعه ولا لإباء، بل اتفق له ذلك، فهو مؤمن عند الله غير مؤمن فى الأحكام الدنيوية ".
"ومحل كونه مؤمنا فى الأحكام الدنيوية ما لم يطلع على كفره بعلامة كالسجود لصنم، وإلا جرت عليه أحكام الكفر ".
قال:" وفهم الأقل أن مرادهم أنه شرط لصحة الإيمان، وهذا القول كالشطرية فى الحكم، وإنما الخلاف بينهما فى العبارة، والقول الأول هو الراجح، والنصوص بحسب المتبادر منها مقوية للقول بالشرطية دون الشطرية".
قال:" قوله وقيل بل شطر: أى وقال قوم محققون كالإمام أبى حنيفة وجماعة من الأشاعرة: ليس الإقرار بالشهادتين شرطا بل هو شطر، فيكون الإيمان عند هؤلاء اسما لعملي القلب واللسان جميعا، وهما التصديق والإقرار.
واعترض على هذا القول بأن الإيمان يوجد فى المعذور كالأخرس، والشىء لا يوجد بدون شطره.
وأجيب عن ذلك بأنه ركن يحتمل السقوط كما فيمن ذكر، وأما التصديق فإنه ركن لا يحتمل السقوط.
وعلى هذا القول - كالقول بأنه شرط صحة - فمن صدق بقلبه ولم يتفق له الإقرار فى عمره لا مرة ولا أكثر من مرة، مع القدرة على ذلك، لا يكون مؤمنا عندنا ولا عند الله تعالى".
(١) الأصل أن يقول: "وإن كان هو الإيمان " وإلا فقد تناقض، لأنه يرجح القول بالشرطية لا الشطرية.