وهذه جزء من قضايا كبرى لا يسعنا تفصيل الحديث عنها هنا، والغرض هنا التنبيه عن أن أصلها العميق هو عدم إدراك العلاقة بين عمل القلب وعمل الجوارح.
إثبات عمل القلب
لما كان إيمان القلب من الأهمية بالدرجة التي عرضنا طرفا منها، كان لا بد أن يكون حظ الحديث عنه من الذكر الحكيم الذى أنزله الله لإصلاح حياة العالمين وتزكيتها هو الحظ الأوفر، وهكذا جاء فى القرآن آيات كثيرة تبين أعمال القلب وأهميتها فى الإيمان أصلا أو وجوبا، ولو ذهبنا فى جمعها واستقصائها لطال المقام جدا.
وحسبنا أن نورد ما يتجلى به صحة مذهب أهل السنة والجماعة وشذوذ المرجئة المنكرين لدخول أعمال القلب فى الإيمان عدا التصديق القلبي، ويتضح أن مصدر القوم فى التلقي لم يكن الكتاب والسنة، وإلا فكيف يضربون صفحا عن هذه الآيات المحكمات، ويعتمدون أكثر ما يعتمدون على آية واحدة ليست فى مورد الإيمان الشرعي، بل حكاها الله تعالى عن قوم قالوها فى التصديق الخبرى المجرد، وهو قوله تعالى على لسان اخوة يوسف:«وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا» !!
وهذه بعض أعمال القلب مقرونة بما تدل عليها من الآيات، منها ما هو فى حق المؤمنين، ومنها ما هو فى حق الكفار دالا على أمور سوى التكذيب الذي لم يقر المرجئة بغيره، ونظرا لكثرتها اكتفيت بما ورد فيها العمل مسندا إلى القلب - أو الصدر - بالمنطوق الصريح.