للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عداه، وأنه وحده الحق الذي لا أحسن منه ولا أهدى هو درجة الإسلام، فإذا رسخ هذا حتى لا تزعزعه شبهه ولا يعتريه شك فهو اليقين.

وقد ضرب الصحابة - رضى الله عنهم - من اليقين في أمر الله أعظم الأمثال، مما لا يتسع المقال للتطويل به، وحسبك أن ينزل الله تحريم الخمر والقوم مدمنون على شربها، مدخرون لها، مغالون في أثمانها، فما يكاد الأمر ينزل حتى تسيل بها أزقة المدينة أنهارا!!

وأن ينزل الله الأمر بالحجاب والقوم مختلطون متعارفون، فما يكاد ذلك يبلغهم حتى تغدو نساؤهم كأنهن الغربان.

فهاتان عادتان إحداهما نفسية، والأخرى اجتماعية، وهما من أشد العادات وطئا وأشقها تغييرا، تذهبان دفعة واحدة، وتستأصلان من أعماق النفوس فى لحظة واحدة، وما ذلك إلا باليقين الذي ليس وراءه في الأمم يقين.

٤ - الصدق والإخلاص:

هذان عملان قلبيان من أعظم أعمال القلوب وأهم أصول الإيمان.

فأما الصدق فهو الفرقان بين الإيمان والنفاق، وأما الإخلاص فهو الفرقان بين التوحيد والشرك - فى قول القلب واعتقاده، أو فى إرادته ونيته.

والأعمال -التي رأسها وأعظمها " شهادة أن لا إله إلا الله " -لا تقبل إلا بتحقيق الصدق والإخلاص.

ومن هنا كان شرطين من شروطها، وأكذب الله المنافقين فى دعوى الإيمان وقول الشهادة لانتفاء الصدق فقال: (إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد أنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد أن المنافقون لكاذبون) (المنافقون: ١) .

وقال: «وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ» (العنكبوت: ٣)

<<  <   >  >>