للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجاء الحديث عن الإخلاص في السور التي تحدثت عن الشرك والمشركين، كسورة الأعراف والزمر وغافر والبينة والكافرون، بل في سورة الأنعام - وان لم يذكر فيها صريحا.

وارتباط عمل الجوارح بالصدق والإخلاص كارتباطه بالرضا والمحبة واليقين - أمر محسوس ظاهر، يدل علي ارتباط أجزاء الحقيقة الإيمانية الواحدة كما أسلفنا.

هذا ما يسر الله به واتسع له المجال من الحديث عن أعمال القلوب، ولقد تركت أعمالا أخرى قد لا تقل أهمية عن هذه، كالتوكل، والصبر، والتوبة، والإنابة، والخوف، والرجاء، على أن ما ذكرنا يتضمنها أو يدل عليها ويشير إليها، بل كثير مما نذكر مما يسميه بعضهم " مقامات " هو كالوسائل لهذه الغايات، والفروع لهذه الأصول، إذ كانت هذه المذكورة جميعها متعلقة بشطر «إياك نعبد» ، وأما التوكل والصبر ونحوها فمتعلقة بشطر «وإياك نستعين» ، ومعلوم أن الاستعانة وسيلة للعبادة وفرع منها.

ولا يفوتني أن اختم الحديث عن أعمال القلب بذكر فائدتين من فوائد كثيرة من الله تعالى بها على وأنا أطيل التأمل والتفكير في هذا الجزء العظيم من أجزاء الإيمان:

إحداهما: تتعلق بتلك الأعمال عامة.

والأخرى: تختص بموضوع المرض الأكبر الذي يعتري القلوب، وهو مرض النفاق.

* فالأولى: هي أن من تأمل ما سبق شرحه من أعمال القلوب المعدودة شروطا للشهادتين - اعني الرضا واليقين والمحبة والصدق والإخلاص - كما وردت في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وطابق ذلك بأحوال المخلوقين وطرائق العابدين يجد ان كل شرط من هذه الشروط يخرج طائفة من طوائف الضلال بخصوصها عن الصراط المستقيم، وان كان قد يعم سائرها، إذ التلازم بينها لا يخفي، وهذا يشمل أمم الكفر والشرك والطوائف الملحقة بها من هذه الأمة.

<<  <   >  >>