للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأما القضية الثانية فمتفق عليها " كافر ".

أما القضية الثالثة فمتفق عليها "منافق"

وأما القضية الرابعة فمختلف فيها.

فالمرجئة يلحقون حكمها بحكم الأولى،بل يقولون: إن إيمان من تنطبق عليه القضية الأولى كإيمان من تنطبق عليه القضية الرابعة سواء بسواء؛إذ الأعمال عندهم خارجة عن الإيمان، والإيمان شيء واحد لا يزيد ولا ينقص ولا يتفاضل الناس فيه -كما سبق بيانه، فهو لدى الاثنين سواء،بل قالوا ما هو أسوء من ذلك؛وهو إن ارتكاب جميع المحرمات وترك جميع الطاعات لا يذهب شيئاً من الإيمان؛إذ لو ذهب منه شيء لم يبق منه شيء (١) .

وهذا القدر المشترك بينهم كاف في الرد عليهم جميعا رداً واحداً -أي من يعتبر النطق ومن لا يعتبره-.

وأما أهل السنة والجماعة فينفون وجود الحالة الرابعة في الواقع أصلاً؛بناء على مفهومهم الخاص للإيمان.

فتبين إن فساد تصور المرجئة للإيمان أدى إلى تصور هذه الحالة،وعليه: فبيان خطا قولهم هذا يستلزم فساد تصورهم للإيمان بلا ريب،وإن الإيمان الذي يتكلمون عنه ويصفونه ليس الإيمان الشرعي بحال.

كما إنه يدل على تناقض من وافقهم من الفقهاء المنتسبين إلى السنة والأئمة في بعض الأحكام الظاهرة -كالقول بأن تارك الصلاة المصر على تركها حتى ضربت عنقه بالسيف إنما قتل حدا؛إذ إن مذهب المرجئة في حكم تارك الصلاة يتفق ومفهوم الإيمان عندهم،لكن من يعتقد قد أن الإيمان قول وعمل -ويكون ذلك مذهب إمامه -كيف يوافقهم على إن تارك جميع العمل لا يكفر،إلا إذا انتفى منهم تصديق القلب أي كان مستحلاً أو غير مقر بالوجوب ويوافقهم على أن شاتم الرسول صلى الله عليه وسلم ومهين المصحف عمداً وقاتل النبي كافر ظاهراً،ويجوز أن يكون مؤمناً في الباطن؟! (٢)

وأهل السنة حين يقرون أن ترك العمل ترك لركن الإيمان الذي لا يكون إلا به، لا يعتمدون على تفلسف أو نظريات ذهنية، وإنما ينطلقون من منطلق واقعي


(١) وهذا ما اتفقت عليه فرقهم،كلها كما سبق بيانه في فصل" أصول مذاهب المرجئة" السابق.
(٢) انظر عن هذه الأخيرة: الإيمان، صلى الله عليه وسلم ٣٨٤ - ٣٨٦، ولهذا تجد كلام أحدهم باعتباره فقيها - كما إذا كتب فى الردة من المصنفات الفقهية - يغاير كلامه إذا كتب باعتباره متكلما!!

<<  <   >  >>