فجعل إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة مع الإيمان بالله وترك الشرك - شرطاً في تخليه السبيل، وعصمة الدم، واستحقاق الأخوة من المؤمنين، وجعل نقض ذلك موجباً للقتال على الكفر.
ولهذا قال أنس رضى الله عنه - وهو ممن أدرك ظهور المرجئة -: " هو دين الله الذي جاء به الرسل وبلغوه عن ربهم، قبل هرج الأحاديث واختلاف الأهواء؛ وتصديق ذلك في كتاب الله في آخر ما أنزل الله، قال الله:
إلى أن قال: توبتهم خلع الأوثان وعبادة ربهم وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، ثم قال في آية أخرى:«فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ» .
قال الحافظ ابن كثير في تفسيرها: " ولهذا اعتمد الصديق رضى الله عنه في قتال مانعي الزكاة على هذه الآية الكريمة وأمثالها؛ حيث حرمت قتالهم بشرط هذه الأفعال، وهي الدخول في الإسلام والقيام بأداء واجباته، ونبه بأعلاها على أدناها، فإن أشرف الأركان بعد الشهادة الصلاة التي هي حق لله عز وجل، وبعدها أداء الزكاة التي هي نفع متعد إلى الفقراء أو المحاويج، وهي أشرف الأفعال المتعلقة بالمخلوقين، ولهذا كثيراً ما يقرن الله بين الصلاة والزكاة.
(١) رواه الطبري (١٠ / ٧٨) ، وذكر ابن كثير أنه رواه ابن مردويه ومحمد بن نصر المروزي في كتاب الصلاة - التفسير (٤ / ٥٤) ، وذكر عند الآية الأخرى (٤ / ٥٨) أن البزار رواه أيضا.