للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مِنْ مَنَازِلِ الْحَقّ، لَا يَقْبَلُ اللهُ فِيهِ مِنْ أَحَدٍ إلّا مَا ابْتَغَى بِهِ وَجْهَهُ. وَإِنّ الصّبْرَ فِي مَوَاطِنِ الْبَأْسِ مِمّا يُفَرّجُ اللهُ بِهِ الْهَمّ، وَيُنَجّي بِهِ مِنْ الْغَمّ، وَتُدْرِكُونَ [ (١) ] بِهِ النّجَاةَ فِي الْآخِرَةِ. فِيكُمْ نَبِيّ اللهِ يُحَذّرُكُمْ وَيَأْمُرُكُمْ، فَاسْتَحْيُوا الْيَوْمَ أَنْ يَطّلِعَ اللهُ عَزّ وَجَلّ عَلَى شَيْءٍ مِنْ أَمْرِكُمْ يَمْقُتُكُمْ عَلَيْهِ، فَإِنّ اللهَ يَقُولُ: لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ [ (٢) ] . اُنْظُرُوا إلَى الّذِي أَمَرَكُمْ بِهِ مِنْ كِتَابِهِ، وَأَرَاكُمْ مِنْ آيَاتِهِ، وَأَعَزّكُمْ بَعْدَ ذِلّةٍ، فَاسْتَمْسِكُوا بِهِ يَرْضَ رَبّكُمْ عَنْكُمْ. وَأَبْلَوْا رَبّكُمْ فِي هَذِهِ الْمَوَاطِنِ أَمْرًا، تَسْتَوْجِبُوا الّذِي وَعَدَكُمْ بِهِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَمَغْفِرَتِهِ، فَإِنّ وَعْدَهُ حَقّ، وَقَوْلَهُ صِدْقٌ، وَعِقَابَهُ شَدِيدٌ.

وَإِنّمَا أَنَا وَأَنْتُمْ بِاَللهِ الْحَيّ الْقَيّومِ، إلَيْهِ أَلْجَأْنَا ظُهُورَنَا، وَبِهِ اعْتَصَمْنَا، وَعَلَيْهِ تَوَكّلْنَا، وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ، يَغْفِرُ اللهُ لِي وَلِلْمُسْلِمِينَ!

حَدّثَنَا مُحَمّدٌ قَالَ: حَدّثَنَا الْوَاقِدِيّ قَالَ: فَحَدّثَنِي مُحَمّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ الزّهْرِيّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزّبَيْرِ، وَمُحَمّدِ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ، قَالَا: لَمّا رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم قُرَيْشًا تُصَوّبُ مِنْ الْوَادِي- وَكَانَ أَوّلُ مَنْ طَلَعَ زَمَعَةَ بْنَ الْأَسْوَدِ عَلَى فَرَسٍ لَهُ، يَتْبَعُهُ ابْنُهُ، فَاسْتَجَالَ بِفَرَسِهِ يُرِيدُ أَنْ يَتَبَوّأَ [ (٣) ] لِلْقَوْمِ مَنْزِلًا- فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اللهُمّ، إنّك أَنْزَلْت عَلَيّ الْكِتَابَ، وَأَمَرْتنِي بِالْقِتَالِ، وَوَعَدَتْنِي إحْدَى الطّائِفَتَيْنِ، وَأَنْتَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ! اللهُمّ، هَذِهِ قُرَيْشٌ قَدْ أَقْبَلَتْ بِخُيَلَائِهَا وَفَخْرِهَا، تُحَادّك [ (٤) ] وَتُكَذّبُ رَسُولَك! اللهُمّ، نَصْرُك الّذِي وَعَدْتنِي! اللهُمّ أَحِنْهُمْ الْغَدَاةَ! وَطَلَعَ عُتْبَةُ بن ربيعة على


[ (١) ] فى ت: «يدركون النجاة» .
[ (٢) ] سورة ٤٠ غافر ١٠
[ (٣) ] فى خ: «يريد أن يبنوا» .
[ (٤) ] فى ح: «تخاذل» .