للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سَرِيّةُ عَلِيّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السّلَامُ إلَى الْيَمَنِ

قَالُوا: بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السّلَامُ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ عَشْرٍ، فَأَمَرَهُ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُعَسْكِرَ بِقُبَاءَ، فَعَسْكَرَ بِهَا حَتّى تَتَامّ أَصْحَابُهُ، فَعَقَدَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ لِوَاءً، أَخَذَ عِمَامَةً فَلَفّهَا مَثْنِيّةً مُرَبّعَةً فَجَعَلَهَا فِي رَأْسِ الرّمْحِ، ثُمّ دَفَعَهَا إلَيْهِ [ (١) ] وَقَالَ: هَكَذَا اللّوَاءُ! وَعَمّمَهُ عِمَامَةً، ثَلَاثَةَ أَكْوَارٍ، وَجَعَلَ ذِرَاعًا بَيْنَ يَدَيْهِ وَشِبْرًا مِنْ وَرَائِهِ، ثُمّ قَالَ: هَكَذَا الْعِمّةُ!

قَالَ: فَحَدّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، قَالَ: لَمّا وَجّهَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: امْضِ وَلَا تَلْتَفِتْ! فَقَالَ عَلِيّ عَلَيْهِ السّلَامُ: يَا رَسُولَ اللهِ، كَيْفَ أَصْنَعُ؟ قَالَ: إذَا نَزَلْت بِسَاحَتِهِمْ فَلَا تُقَاتِلْهُمْ حَتّى يُقَاتِلُوك، فَإِنْ قَاتَلُوك فَلَا تُقَاتِلْهُمْ حَتّى يَقْتُلُوا مِنْكُمْ قَتِيلًا، فَإِنْ قَتَلُوا مِنْكُمْ قَتِيلًا فَلَا تُقَاتِلْهُمْ، تَلَوّمْهُمْ تُرِهِمْ أَنَاةً [ (٢) ] ، ثُمّ تَقُولُ لَهُمْ: هَلْ لَكُمْ إلَى أَنْ تَقُولُوا لَا إلَهَ إلّا الله؟ فَإِنْ قَالُوا نَعَمْ فَقُلْ:

هَلْ لَكُمْ أَنْ تُصَلّوا؟ فَإِنْ قَالُوا نَعَمْ فَقُلْ: هَلْ لَكُمْ أَنْ تُخْرِجُوا مِنْ أَمْوَالِكُمْ صَدَقَةً تردُّونها عَلَى فُقَرَائِكُمْ؟ فَإِنْ قَالُوا نَعَمْ، فَلَا تَبْغِ مِنْهُمْ غَيْرَ ذَلِكَ. وَاَللهِ، لَأَنْ يَهْدِي اللهُ عَلَى يَدِك رَجُلًا وَاحِدًا خَيْرٌ [ (٣) ] لَك مِمّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشّمْسُ أَوْ غَرَبَتْ!

قَالَ: فَخَرَجَ فِي ثَلَاثِمِائَةِ فَارِسٍ، فَكَانَتْ خَيْلُهُمْ أَوّلَ خَيْلٍ دَخَلَتْ تِلْكَ الْبِلَادَ، فَلَمّا انْتَهَى إلَى أَدْنَى النّاحِيَةِ التي يريد- وهي أرض مذحج- فرّق


[ (١) ] فى الأصل: «إليهم» .
[ (٢) ] فى الأصل: «بلومهم برمهم إياه» . والتلوم: الانتظار والتمكث. (الصحاح، ص ٢٠٣٤) .
[ (٣) ] فى الأصل: «خيرا» .