للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلَى الْمَدِينَةِ، فَمَا أَصْبَحَ حِينَ أَصْبَحَ إلّا بِضَرِيّةَ [ (١) ] ، مَسِيرَةَ لَيْلَةٍ أَوْ لَيْلَتَيْنِ.

ثُمّ حَدَرْنَا النّعَمَ، وَخِفْنَا الطّلَبَ، وَطَرَدْنَا الشّاءَ أَشَدّ الطّرْدِ، فَكَانَتْ تَجْرِي مَعَنَا كَأَنّهَا الْخَيْلُ، حَتّى بَلَغْنَا الْعَدَاسَةَ، فَأَبْطَأَ عَلَيْنَا الشّاءُ بِالرّبَذَةِ [ (٢) ] ، فَخَلّفْنَاهُ مَعَ نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِي يَقْصِدُونَ بِهِ، وَطُرِدَ النّعَمُ فَقُدِمَ بِهِ الْمَدِينَةَ عَلَى النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَكَانَ مُحَمّدٌ يَقُولُ: خَرَجْت مِنْ ضَرِيّةَ، فَمَا رَكِبْت خُطْوَةً حَتّى وَرَدْت بَطْنَ نَخْلٍ [ (٣) ] ، فَقُدِمَ بِالنّعَمِ، خَمْسِينَ وَمِائَةِ بَعِيرٍ، وَالشّاءِ وَهِيَ ثَلَاثَةُ آلَافِ شَاةٍ، فَلَمّا قَدِمْنَا خَمّسَهُ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم فَضّ عَلَى أَصْحَابِهِ مَا بَقِيَ، فَعَدَلُوا الْجَزُورَ بِعَشْرٍ مِنْ الْغَنَمِ، فَأَصَابَ كُلّ رَجُلٍ مِنْهُمْ.

غَزْوَةُ بَنِي لِحْيَانَ

حَدّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ وَهْبٍ أَبُو الْحَسَنِ الْأَسْلَمِيّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي مَرْوَانَ، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِهِلَالِ رَبِيعٍ الْأَوّلِ سَنَةَ سِتّ فَبَلَغَ غُرَانَ وَعُسْفَانَ [ (٤) ] ، وَغَابَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً.

حَدّثَنِي مَعْمَرٌ، عَنْ الزّهْرِيّ، عَنْ ابْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، وَحَدّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الله بن أبي قتادة، عن عبد الله بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ، وَغَيْرُهُمَا قَدْ حَدّثَنِي، وَقَدْ زَادَ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ، قَالُوا: وجد رسول الله صلّى الله


[ (١) ] قال ابن سعد: إن ضرية على سبع ليال من المدينة. (الطبقات، ج ٢، ص ٥٦) .
[ (٢) ] الربذة: قرية بنجد من عمل المدينة على ثلاثة أيام منها، وقيل أربعة أيام. (وفاء الوفا، ج ٢، ص ٢٢٧) .
[ (٣) ] نخل: مكان على يومين من المدينة. (وفاء الوفا، ج ٢ ص ٣٨١) .
[ (٤) ] فى الأصل: «غزان» ، وما أثبتناه من ب، ومن ابن إسحاق. (السيرة النبوية، ج ٣، ص ٢٩٢) . وغران: اسم وادي الأزرق خلف أمج بميل. وعسفان: قرية جامعة بين مكة والمدينة على نحو يومين من مكة. (وفاء الوفا، ج ٢، ص ٣٥٣، ٣٤٥) .