للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثُمّ لَاذَ مِنّي بِشَجَرَةٍ فَقَالَ «أَسْلَمْت لِلّهِ» ، أَقْتُلُهُ بَعْدَ أَنْ قَالَهَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تَقْتُلْهُ! قَالَ: فَإِنّي قَتَلْته فَمَاذَا؟ قَالَ: فَإِنّهُ بِمَنْزِلَتِك الّتِي كُنْت بِهَا قَبْلَ أَنْ تَقْتُلَهُ، وَأَنْتَ بِمَنْزِلَتِهِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ كَلِمَتَهُ الّتِي قَالَ.

سَرِيّةُ بَنِي عَبْدِ بْنِ ثَعْلَبَةَ عَلَيْهَا غَالِبُ بْنُ عَبْدِ اللهِ إلَى الْمَيْفَعَةِ [ (١) ] فِي رَمَضَانَ سَنَةَ سَبْعٍ

حَدّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ ابْنِ أَبِي عَوْنٍ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عُتْبَةَ، قَالَ: لَمّا قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَزْوَةِ الْكُدْرِ أَقَامَ أَيّامًا مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يُقِيمَ، فَقَالَ لَهُ يَسَارٌ مَوْلَاهُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إنّي قَدْ عَلِمْت غِرّةً مِنْ [ (٢) ] بَنِي عَبْدِ بْنِ ثَعْلَبَةَ، فَأَرْسَلَ مَعِي إلَيْهِمْ. فَأَرْسَلَ مَعَهُ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَالِبَ بْنَ عَبْدِ اللهِ فِي مِائَةٍ وَثَلَاثِينَ رَجُلًا، خَرَجَ بِهِمْ يَسَارٌ، فَظَعَنَ بِهِمْ فِي غَيْرِ الطّرِيقِ حَتّى فَنِيَتْ أَزْوَادُهُمْ وَجَهَدُوا، وَاقْتَسَمُوا التّمْرَ عَدَدًا، فَبَيْنَا الْقَوْمُ ذات ليلة بعد ما سَاءَ ظَنّهُمْ بِيَسَارٍ، وَظَنّ الْقَوْمُ أَنّ إسْلَامَهُ لَمْ يَصِحّ، وَقَدْ انْتَهَوْا إلَى مَكَانٍ قَدْ فَحَصَهُ [ (٣) ] السّيْلُ، فَلَمّا رَآهُ يَسَارٌ كَبّرَ قَالَ:

وَاَللهِ قَدْ ظُفِرْتُمْ بِحَاجَتِكُمْ، اُسْلُكُوا فِي هَذَا الْفَحْصِ حَتّى يَنْقَطِعَ بِكُمْ. فَسَارَ الْقَوْمُ فِيهِ سَاعَةٍ بِحِسّ خَفِيّ لَا يَتَكَلّمُونَ إلّا هَمْسًا [ (٤) ] حتى انتهوا إلى ضرس [ (٥) ]


[ (١) ] الميفعة: وراء بطن نخل إلى النقرة بناحية نجد، بينها وبين المدينة ثمانية برد. (الطبقات، ج ٢، ص ٨٦) .
[ (٢) ] فى الأصل: «إنى قد علمت غزوة بنى عبد بن ثعلبة» ، والتصحيح من الزرقانى. (شرح على المواهب اللدنية، ج ٢، ص ٣٠٠) .
[ (٣) ] فحص: أى حفر. (النهاية، ج ٣، ص ١٨٥) .
[ (٤) ] فى الأصل: «رمسا» .
[ (٥) ] الضرس: الأكمة. (الصحاح، ص ٩٣٩) .