للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَنّهُ رَجُلٌ، وَسُقِطَ فِي يَدَيْهِ وَنَدِمَ عَلَى تَقَدّمِهِ. وَجَعَلَ يَقُولُ، الشّيْطَانُ مَعَ الْغُرّ، فَاقْتَحَمَ الْبَيْتَ رَافِعًا سَيْفَهُ، قَدْ جَرّدَهُ مِنْ غِمْدِهِ يُرِيدُ أَنْ يَضْرِبَهُمَا.

ثُمّ فَكّرَ وَاذّكَرَ، فَغَمَزَ امْرَأَتَهُ بِرِجْلِهِ فَاسْتَيْقَظَتْ فَصَاحَتْ وَهِيَ تَوْسَنُ، فَقَالَ: أَنَا عَبْدُ اللهِ، فَمَنْ هَذَا؟ قَالَتْ: رُجَيْلَةُ [مَاشِطَتِي] [ (١) ] ، سَمِعْنَا بِمَقْدِمِكُمْ فَدَعَوْتهَا تُمَشّطُنِي فَبَاتَتْ عِنْدِي. فَبَاتَ فَلَمّا أَصْبَحَ خَرَجَ مُعْتَرِضًا لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَقِيَهُ بِبِئْرِ أَبِي عنبة، وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسِيرُ بَيْنَ أَبِي بَكْرٍ وَبَشِيرِ بْنِ سَعْدٍ،

فَالْتَفَتَ رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بَشِيرٍ فَقَالَ: يَا أَبَا النّعْمَانِ. فَقَالَ: لَبّيْكَ. قَالَ: إنّ وَجْهَ عَبْدِ اللهِ لَيُخْبِرُك أَنّهُ قَدْ كَرِهَ طُرُوقَ أَهْلِهِ. فَلَمّا انْتَهَى إلَى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رَسُولُ اللهِ: خَبَرَك يَا ابْنَ رَوَاحَةَ. فَأَخْبَرَهُ كَيْفَ كَانَ تَقَدّمَ وَمَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لَا تَطْرُقُوا النّسَاءَ لَيْلًا.

قَالَ جَابِرٌ: فَكَانَ ذَلِكَ أَوّلَ مَا نَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

قَالَ جَابِرٌ: فَلَمْ أَرَ مِثْلَ الْعَسْكَرِ وَلُزُومَهُ وَالْجَمَاعَةَ، لَقَدْ أَقْبَلْنَا مِنْ خَيْبَرَ، وَكُنّا مَرَرْنَا عَلَى وَادِي الْقُرَى فَانْتَهَيْنَا إلَى الْجُرُفِ [ (٢) ] لَيْلًا، فَنَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تَطْرُقُوا النّسَاءَ لَيْلًا. قَالَ جَابِرٌ: فَانْطَلَقَ رَجُلَانِ فَعَصَيَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَأَيَا جَمِيعًا مَا يَكْرَهَانِ.

غَزْوَةُ الْخَنْدَقِ

عَسْكَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الثّلَاثَاءِ لِثَمَانٍ مَضَتْ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ، فَحَاصَرُوهُ خَمْسَ عَشْرَةَ، وَانْصَرَفَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ لِسَبْعٍ بَقِينَ سَنَةَ


[ (١) ] الزيادة من نسخة ب.
[ (٢) ] الحرف على ثلاثة أميال من المدينة من جهة الشام. (وفاء الوفا، ج ٢، ص ٢٨٠) .