للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نَاسٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ عَلَى مُدّتِهِمْ، وَيُقَالُ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اسْتَعْمَلَهُ عَلَى الْحَجّ. وَقَدِمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِثَلَاثٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ.

قُدُومُ عُرْوَةَ بْنِ مَسْعُودٍ

قَالُوا: كَانَ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ حِينَ حَاصَرَ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْلَ الطّائِفِ بجرش، يَتَعَلّمُ عَمَلَ الدّبّابَاتِ وَالْمَنْجَنِيقِ، ثُمّ رَجَعَ إلَى الطّائِفِ بَعْدَ أَنْ وَلّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَعَمِلَ الدّبّابَاتِ وَالْمَنْجَنِيقَ وَالْعَرّادَاتِ [ (١) ] وَأَعَدّ ذَلِكَ حَتّى قَذَفَ اللهُ عَزّ وَجَلّ فِي قَلْبِهِ الْإِسْلَامَ، فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ عَلَى النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْلَمَ، ثُمّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ اِيذَنْ لِي فَآتِيَ قَوْمِي فأدعوهم إلى الإسلام، فو الله مَا رَأَيْت مِثْلَ هَذَا الدّينِ ذَهَبَ عَنْهُ ذَاهِبٌ، فَأَقْدَمُ عَلَى أَصْحَابِي وَقَوْمِي بِخَيْرِ قَادِمٍ، وَمَا قَدِمَ وَافِدٌ قَطّ عَلَى قَوْمِهِ إلّا مَنْ قَدِمَ بِمِثْلِ مَا قَدِمْت بِهِ، وَقَدْ سَبَقْت يَا رَسُولَ اللهِ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنّهُمْ إذًا قَاتِلُوك! قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَأَنَا أَحَبّ إلَيْهِمْ مِنْ أَبْكَارِ أَوْلَادِهِمْ. ثُمّ اسْتَأْذَنَهُ الثّانِيَةَ فَأَعَادَ عَلَيْهِ الْكَلَامَ الْأَوّلَ، وَقَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنهم إذًا قَاتِلُوك. قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَوْ وَجَدُونِي نَائِمًا مَا أَيْقَظُونِي.

وَاسْتَأْذَنَهُ الثّالِثَةَ فَقَالَ: إنْ شِئْت فَاخْرُجْ! فَخَرَجَ إلَى الطّائِفِ فَسَارَ إلَيْهَا خَمْسًا، فَقَدِمَ عَلَى قَوْمِهِ عِشَاءً فَدَخَلَ مَنْزِلَهُ، فَأَنْكَرَ قَوْمُهُ دُخُولَهُ مَنْزِلَهُ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ الرّبّةَ [ (٢) ] : ثُمّ قَالُوا: السّفَرُ قَدْ حَصَرَهُ [ (٣) ] . فجاءوا


[ (١) ] العرادة: أصغر من المنجنيق. (الصحاح، ص ٥٠٥) .
[ (٢) ] يعنى: اللات.
[ (٣) ] حصره: أى منعه عن مقصده. (النهاية، ج ١، ص ٢٣٣) .