صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمّا رَآهُمْ سَلّمَ عَلَيْهِمْ وَتَرَكَ الرّكَابَ عِنْدَهُمْ، وَخَرَجَ يَشْتَدّ، يُبَشّرُ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقُدُومِهِمْ، حَتّى انْتَهَى إلَى بَابِ الْمَسْجِدِ فَيَلْقَى أَبَا بَكْرٍ الصّدّيقَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَأَخْبَرَهُ خَبَرَ قَوْمِهِ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَقَسَمْت بِاَللهِ عَلَيْك لَا تَسْبِقْنِي إلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَبَرِهِمْ حَتّى أَكُونَ أَنَا أُخْبِرُهُ- وَكَانَ رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ذَكَرَهُمْ بِبَعْضِ الذّكْرِ- فَأُبَشّرُهُ بِمَقْدَمِهِمْ. فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَلَى النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ وَالْمُغِيرَةُ عَلَى الْبَابِ،
ثُمّ خَرَجَ إلَى الْمُغِيرَةِ فَدَخَلَ الْمُغِيرَةُ عَلَى النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مَسْرُورٌ، فَقَالَ:
يَا رَسُولَ اللهِ، قَدْ قَدِمَ قَوْمِي يُرِيدُونَ الدّخُولَ فِي الْإِسْلَامِ بِأَنْ تَشْرُطَ لَهُمْ شُرُوطًا، وَيَكْتُبُونَ كِتَابًا عَلَى مَنْ وَرَاءَهُمْ مِنْ قَوْمِهِمْ وَبِلَادِهِمْ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا يَسْأَلُونَ شَرْطًا وَلَا كِتَابًا أَعْطَيْته أَحَدًا مِنْ النّاسِ إلّا أَعْطَيْتهمْ، فَبَشّرْهُمْ! فَخَرَجَ الْمُغِيرَةُ رَاجِعًا فَخَبّرَهُمْ مَا قَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبَشّرَهُمْ وَعَلّمَهُمْ كَيْفَ يُحَيّونَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكُلّ مَا أَمَرَهُمْ الْمُغِيرَةُ فَعَلُوا إلّا التّحِيّةَ، فَإِنّهُمْ قَالُوا: أَنْعِمْ صَبَاحًا! وَدَخَلُوا الْمَسْجِدَ فَقَالَ النّاسُ: يَا رَسُولَ اللهِ، يَدْخُلُونَ الْمَسْجِدَ وَهُمْ مُشْرِكُونَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إنّ الْأَرْضَ لَا يُنَجّسُهَا شَيْءٌ! وَقَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أُنْزِلُ قَوْمِي عَلَيّ، وَأُكْرِمُهُمْ، فَإِنّي حَدِيثُ الْجُرْمِ فِيهِمْ. فَقَالَ: لَا آمَنُك أَنْ تُكْرِمَ قَوْمَك.
وَكَانَ جُرْمُ الْمُغِيرَةِ أَنّهُ خَرَجَ فِي ثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلًا مِنْ بَنِي مَالِكٍ، فَقَدِمُوا عَلَى الْمُقَوْقَسِ فَحَيّا بَنِي مَالِكٍ وَجَفَاهُ وَهُوَ مِنْ الْأَحْلَافِ، وَكَانَ مَعَهُ رَجُلَانِ الشّرِيدُ وَدَمّونُ، فَلَمّا كَانُوا بِسَبَاقٍ [ (١) ] وَضَعُوا شَرَابًا لَهُمْ فَسَقَاهُمْ المغيرة بيده،
[ (١) ] سباق: واد بالدهناء، ويروى أيضا بكسر السين. (معجم البلدان، ج ٥، ص ٢٦) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute