للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قَالَتْ أُمّ سِنَانٍ الْأَسْلَمِيّةُ: لَقَدْ رَأَيْت ثَوْبًا مَبْسُوطًا بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا فِيهِ مِسْكٌ [ (١) ] ، وَمَعَاضِدُ [ (٢) ] ، وَخَلَاخِلُ [ (٣) ] وَأَقْرِطَةٌ وَخَوَاتِيمُ، وَخَدَمَاتٌ، مِمّا يَبْعَثُ بِهِ النّسَاءُ يُعِنّ [ (٤) ] بِهِ الْمُسْلِمِينَ فِي جَهَازِهِمْ. وَالنّاسُ فِي عُسْرَةٍ شَدِيدَةٍ، وَحِينَ طَابَتْ الثّمَارُ وَأُحِبّتْ الظّلَالُ، فَالنّاسُ يُحِبّونَ الْمُقَامَ وَيَكْرَهُونَ الشّخُوصَ عَنْهَا عَلَى الْحَالِ مِنْ الزّمَانِ الّذِي هُمْ عَلَيْهِ، وَأَخَذَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النّاسَ بِالِانْكِمَاشِ [ (٥) ] وَالْجِدّ، وَضَرَبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَسْكَرَهُ بِثَنِيّةِ الْوَدَاعِ، وَالنّاسُ كَثِيرٌ لَا يَجْمَعُهُمْ كِتَابٌ، قَدْ رَحَلَ يُرِيدُ أَنْ يَبْعَثَ إلّا [أَنّهُ] ظَنّ أَنّ ذَلِكَ سَيَخْفَى لَهُ، مَا لَمْ يَنْزِلْ فِيهِ وَحْيٌ مِنْ اللهِ عَزّ وَجَلّ.

وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْجَدّ بْنِ قَيْسٍ: أَبَا وَهْبٍ، هَلْ لَك الْعَامَ تَخْرُجُ مَعَنَا لَعَلّك تَحْتَقِبُ [ (٦) ] مِنْ بَنَاتِ الْأَصْفَرِ؟ فَقَالَ الْجَدّ:

أوَ تَأْذَنُ لِي ولا تفتنّى؟ فو الله، لَقَدْ عَرَفَ قَوْمِي مَا أَحَدٌ أَشَدّ عُجْبًا بِالنّسَاءِ مِنّي، وَإِنّي لَأَخْشَى إنْ رَأَيْت نِسَاءَ بَنِي الْأَصْفَرِ لَا أَصْبِرُ عَنْهُنّ. فَأَعْرَضَ عَنْهُ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: قَدْ أَذِنْت لَك!

فَجَاءَهُ ابْنُهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ الْجَدّ- وَكَانَ بَدْرِيّا، وَهُوَ أَخُو مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ لِأُمّهِ- فَقَالَ لِأَبِيهِ:

لِمَ تَرُدّ على رسول الله صلى الله عليه وسلم مقالته؟ فو الله مَا فِي بَنِي سَلِمَةَ أَكْثَرُ مَالًا مِنْك، وَلَا تَخْرُجُ وَلَا تَحْمِلُ أَحَدًا! قَالَ: يَا بنىّ، ما لى وللخروج


[ (١) ] المسك: أسورة من ذبل أو عاج. (الصحاح، ص ١٦٠٨) .
[ (٢) ] المعاضد: الدمالج. (الصحاح، ص ٥٠٦) .
[ (٣) ] الخلاخل: الحلي. (القاموس المحيط، ج ٣، ص ٣٧١) .
[ (٤) ] فى الأصل: «يعينون» .
[ (٥) ] انكش: أى أسرع. (القاموس المحيط، ج ٢، ص ٢٨٧) .
[ (٦) ] احتقب: أى احتمل. (لسان العرب، ج ١، ص ٣١٥) .