للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فِي هَذِهِ الْآيَةِ مخشي بْنُ حِمْيَرَ- فَسَمّاهُ رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الرّحْمَنِ أَوْ عَبْدُ اللهِ- وَسَأَلَ اللهَ عَزّ وَجَلّ أَنْ يُقْتَلَ شَهِيدًا وَلَا يُعْلَمَ بِمَكَانِهِ، فَقُتِلَ يَوْمَ الْيَمَامَةِ فَلَمْ يُوجَدْ لَهُ أَثَرٌ. وَيُقَالُ فِي الْجُلَاسِ بْنُ سُوَيْدٍ: إنّهُ كَانَ مِمّنْ تَخَلّفَ مِنْ الْمُنَافِقِينَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، فَكَانَ يُثَبّطُ النّاسَ عَنْ الْخُرُوجِ، وَكَانَتْ أُمّ عُمَيْرٍ تَحْتَهُ، وَكَانَ عُمَيْرٌ يَتِيمًا فِي حِجْرِهِ وَلَا مَالَ لَهُ، فَكَانَ يَكْفُلُهُ وَيُحْسِنُ إلَيْهِ، فَسَمِعَهُ وَهُوَ يَقُولُ: وَاَللهِ، لَئِنْ كَانَ مُحَمّدٌ صَادِقًا لَنَحْنُ شَرّ مِنْ الْحَمِيرِ! فَقَالَ لَهُ عُمَيْرٌ: يَا جُلَاسُ، قَدْ كُنْت أَحَبّ النّاسِ إلَيّ، وَأَحْسَنَهُمْ عِنْدِي أَثَرًا، وَأَعَزّهُمْ عَلَيّ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهِ شَيْءٌ نَكْرَهُهُ، وَاَللهِ، لَقَدْ قُلْت مَقَالَةً لَئِنْ ذَكَرْتهَا لَتَفْضَحَنّكَ، وَلَئِنْ كَتَمْتهَا لَأَهْلِكَنّ، وَإِحْدَاهُمَا [ (١) ] أَهْوَنُ عَلَيّ مِنْ الْأُخْرَى! فَذَكَرَ لِلنّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَقَالَةَ الْجُلَاسِ، وَكَانَ رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أَعْطَى الْجُلَاسَ مَالًا مِنْ الصّدَقَةِ لِحَاجَتِهِ وَكَانَ فَقِيرًا، فَبَعَثَ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى الْجُلَاسِ فَسَأَلَهُ عَمّا قَالَ عُمَيْرٌ، فَحَلَفَ بالله ما تكلّم به قطّ، وأنّ عمير الكاذب.

- وَهُوَ عُمَيْرُ بْنُ سَعِيدٍ- وَهُوَ حَاضِرٌ عِنْدَ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَامَ وَهُوَ يَقُولُ: اللهُمّ، أَنْزِلْ عَلَى رَسُولِك بَيَانَ مَا تَكَلّمْت بِهِ! فَأَنْزَلَ اللهُ عَلَى نَبِيّهِ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قالُوا وَلَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ [ (٢) ] إلَى قَوْلِهِ: أَغْناهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ لِلصّدَقَةِ الّتِي أَعْطَاهَا النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ الْجُلَاسُ: اسْمَعْ! اللهُ قَدْ عَرَضَ عَلَيّ التّوْبَةَ! وَاَللهِ لَقَدْ قُلْت مَا قَالَ عُمَيْرٌ! وَلَمّا اعْتَرَفَ بِذَنْبِهِ وَحَسُنَتْ تَوْبَتُهُ وَلَمْ يَمْتَنِعْ عَنْ خَيْرٍ كَانَ يَصْنَعُهُ إلَى عُمَيْرِ ابن سَعِيدٍ، فَكَانَ ذَلِك مِمّا قَدْ عُرِفَتْ بَهْ تَوْبَتُهُ.

قَالَ أَبُو حُمَيْدٍ السّاعِدِيّ: خَرَجْنَا مَعَ رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى


[ (١) ] فى الأصل: «وأحدهما» .
[ (٢) ] سورة ٩ التوبة ٧٤.