للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جَاءُوا بَعْدُ؟ فَجِئْنَا إلَيْهِ فَأَلْقَيْنَا ذَلِكَ الصّيْدَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ: فَرّقُوهُ فِي أَصْحَابِكُمْ! قُلْت: يَا رَسُولَ اللهِ، أَنْت مُرْ بِهِ رَجُلًا! قَالَ: فَأَمَرَ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ. قَالَ: فَجَعَلْت أُعْطِي الْقَبِيلَةَ بِأَسْرِهَا الْحِمَارَ وَالظّبْيَ، وَأُفَرّقُ ذَلِكَ حَتّى كَانَ الّذِي صَارَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ظَبْيٌ وَاحِدٌ مَذْبُوحٌ، فَأَمَرَ بِهِ فَطُبِخَ، فَلَمّا نَضِجَ دَعَا بِهِ- وَعِنْدَهُ أَضْيَافٌ- فَأَكَلُوا. وَنَهَانَا بَعْدَ أَنْ نَعُودَ وَقَالَ: لَا آمَنُ. أَوْ قَالَ: أَخَافُ عَلَيْكُمْ.

حَدّثَنِي ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ سَعِيدٍ، عَن عِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ قَالَ: كُنْت أَلْزَمُ باب رسول الله صلى الله عليه وسلم فِي الْحَضَرِ وَالسّفَرِ، فَرَأَيْتنَا [ (١) ] لَيْلَةً وَنَحْنُ بِتَبُوكَ وَذَهَبْنَا لِحَاجَةٍ، فَرَجَعْنَا إلَى مَنْزِلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ تَعَشّى وَمَنْ عِنْدَهُ مِنْ أَضْيَافِهِ، وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرِيدُ أَنْ يَدْخُلَ فِي قُبّتِهِ وَمَعَهُ زَوْجَتُهُ أُمّ سَلَمَةَ بِنْتُ أَبِي أُمَيّةَ، فَلَمّا طَلَعْت عَلَيْهِ قَالَ: أَيْنَ كُنْت مُنْذُ اللّيْلَةِ؟ فَأَخْبَرْته، فَطَلَعَ جِعَالُ بْنُ سُرَاقَةَ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ مُغَفّلٍ الْمُزَنِيّ- فَكُنّا ثَلَاثَةً، كُلّنَا جَائِعٌ، إنّمَا نَعِيشُ بِبَابِ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَدَخَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَيْتَ فَطَلَبَ شَيْئًا نَأْكُلُهُ فَلَمْ يَجِدْهُ، فَخَرَجَ إلَيْنَا فَنَادَى بِلَالًا: يَا بِلَالُ، هَلْ مِنْ عَشَاءٍ لِهَؤُلَاءِ النّفَرِ؟ قَالَ: لَا وَاَلّذِي بَعَثَك بِالْحَقّ، لَقَدْ نَفَضْنَا جُرُبَنَا وَحُمُتَنَا [ (٢) ] .

قَالَ: اُنْظُرْ، عَسَى أَنْ تَجِدَ شَيْئًا، فَأَخَذَ الْجُرُبَ يَنْفُضُهَا جِرَابًا جِرَابًا، فَتَقَعُ التّمْرَةُ وَالتّمْرَتَانِ، حَتّى رَأَيْت بَيْنَ يَدَيْهِ سَبْعَ تَمَرَاتٍ، ثُمّ دَعَا بِصَحْفَةٍ فَوَضَعَ فِيهَا التّمْرَ، ثُمّ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى التّمَرَاتِ وَسَمّى اللهَ وَقَالَ: كُلُوا بسم الله!


[ (١) ] فى الأصل: «فرأينا ليلة» .
[ (٢) ] الحمت: جمع حميت، وهو النحى والزق الذي يكون فيه السمن. (النهاية، ج ١، ص ٢٠٦) .