للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لِي بَعْضُ أَهْلِي: لَوْ اسْتَأْذَنْت رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِامْرَأَتِك، فَقَدْ أَذِنَ لِامْرَأَةِ هِلَالِ بْنِ أُمَيّةَ أَنْ تَخْدُمَهُ. فَقُلْت: وَاَللهِ، لَا أَسْتَأْذِنُهُ فِيهَا، مَا يَدْرِينِي مَا يَقُولُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ إذَا اسْتَأْذَنْته، وَأَنَا رَجُلٌ شَابّ، فو الله لَا أَسْتَأْذِنُهُ. ثُمّ لَبِثْنَا بَعْدَ ذَلِكَ عَشْرَ لَيَالٍ، وَكَمُلَتْ لَنَا خَمْسُونَ لَيْلَةً مِنْ حِينِ نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُسْلِمِينَ عَنْ كَلَامِنَا، ثُمّ صَلّيْت الصّبْحَ عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِنَا عَلَى الْحَالِ الّتِي ذكر الله عزّ وجلّ، وقد ضاقت علىّ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ، وَضَاقَتْ عَلَيّ نَفْسِي، وَقَدْ كنت ابتنيت خيمة فى ظهر سَلْعٍ فَكُنْت فِيهِ، إذْ سَمِعْت صَارِخًا أَوْفَى عَلَى سَلْعٍ، يَقُولُ بِأَعْلَى صَوْتِهِ: يَا كَعْبُ بْنَ مَالِكٍ، أَبْشِرْ! قَالَ: فَخَرَرْت سَاجِدًا، وَعَرَفْت أَنْ [قَدْ] [ (١) ] جَاءَ الْفَرَجُ. فَآذَنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَوْبَةِ اللهِ عَلَيْنَا حِينَ صَلّى الصّبْحَ.

فَكَانَتْ أُمّ سَلَمَةَ زَوْجُ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَقُولُ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ اللّيْلِ: يَا أُمّ سَلَمَةَ، قَدْ نَزَلَتْ تَوْبَةُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ وَصَاحِبَيْهِ. فَقُلْت: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلَا أَرْسَلْت إلَيْهِمْ فَأُبَشّرَهُمْ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَمْنَعُونَك النّوْمَ آخِرَ اللّيْلِ، وَلَكِنْ لَا يُرَوْنَ حَتّى يُصْبِحُوا.

قَالَ: فَلَمّا صَلّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصّبْحَ أَخْبَرَ النّاسَ بِمَا تَابَ اللهُ عَلَى هَؤُلَاءِ النّفَرِ: كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، وَمُرَارَةَ بْنِ الرّبِيعِ، وَهِلَالِ بْنِ أُمَيّةَ. فَخَرَجَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَوَافَى عَلَى سَلْعٍ فَصَاحَ: قَدْ تَابَ اللهُ عَلَى كَعْبٍ! يُبَشّرُهُ بِذَلِكَ. وَخَرَجَ الزّبَيْرُ عَلَى فَرَسِهِ فِي بَطْنِ الْوَادِي، فَسَمِعَ صَوْتَ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ الزّبَيْرُ. وَخَرَجَ أَبُو الْأَعْوَرِ سَعِيدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عمرو بن نفيل إلى هلال يبشّره ببني واقف، فلمّا أخبره


[ (١) ] الزيادة من ابن إسحاق. (السيرة النبوية، ج ٤، ص ١٨٠)