للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَزّ وَجَلّ! قَالَ: وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا سُرّ يَسْتَنِيرُ حَتّى كَأَنّ وَجْهَهُ فِلْقَةُ الْقَمَرِ، وَكَانَ يُعْرَفُ ذَلِكَ منه. فلمّا جلست بيني يَدَيْهِ قُلْت: يَا رَسُولَ اللهِ، إنّ مِنْ تَوْبَتِي إلَى اللهِ وَإِلَى رَسُولِهِ أَنْ أَنْخَلِعَ مِنْ مَالِي إلَى اللهِ وَرَسُولِهِ! فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَمْسِكْ عَلَيْك [بَعْضَ] [ (١) ] مَالِك، هُوَ خَيْرٌ لَك! قَالَ قُلْت: إنّي مُمْسِكٌ بِسَهْمِي الّذِي بِخَيْبَرَ! قَالَ رَسُولُ الله صلّى الله عليه وسلّم: لَا! قُلْت: النّصْفُ! قَالَ:

لَا! قُلْت: فَالثّلُثُ! قَالَ: نَعَمْ!

قَالَ: إنّي يَا رَسُولَ اللهِ أَحْبِسُ سَهْمِي الّذِي بِخَيْبَرَ. قَالَ كَعْبٌ: قُلْت: يَا رَسُولَ اللهِ إنّ اللهَ عَزّ وَجَلّ أَنْجَانِي بِالصّدْقِ، فَإِنّ تَوْبَتِي إلَى اللهِ أَلّا أُحَدّثَ إلّا صِدْقًا مَا حَيِيت. قَالَ كَعْبٌ:

وَاَللهِ، مَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ النّاسِ أَبْلَاهُ اللهُ فِي صِدْقِ الْحَدِيثِ مُنْذُ ذَكَرْت لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْضَلَ مِمّا أَبْلَانِي، وَاَللهِ مَا تَعَمّدْت مِنْ كِذْبَةٍ مُنْذُ ذَكَرْت ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى يَوْمِي هَذَا، وَإِنّي لَأَرْجُو أَنْ يَحْفَظَنِي اللهُ عَزّ وَجَلّ فِيمَا بَقِيَ. وَقَالَ كَعْبٌ: - قَالَ الْوَاقِدِيّ: أَنْشَدَنِيهِ أَيّوبُ بْنُ النّعْمَانِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ كَعْبٍ:

سُبْحَانَ رَبّي إنْ لَمْ يَعْفُ عَنْ زَلَلِي [ (٢) ] ... فَقَدْ خَسِرْت وَتَبّ الْقَوْلُ وَالْعَمَل

قَالَ: وَأَنْزَلَ اللهُ عَزّ وَجَلّ: لَقَدْ تابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي ساعَةِ الْعُسْرَةِ [ (٣) ] إلَى قوله: وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ. قال كعب: فو اللهِ مَا أَنْعَمَ اللهُ عَلَيّ مِنْ نِعْمَةٍ قَطّ إذْ هَدَانِي لِلْإِسْلَامِ كَانَتْ أَعْظَمَ فِي نَفْسِي مِنْ صِدْقِي رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم، ألا أكون كذبته يومئذ،


[ (١) ] الزيادة عن ابن إسحاق. (السيرة النبوية، ج ٤، ص ١٨٠) .
[ (٢) ] فى الأصل: «عنى وعن زللي» .
[ (٣) ] سورة ٩ التوبة ١١٧- ١١٩