أَظْهَرُوا الْإِسْلَامَ، وَهُمْ عَلَى النّفَاقِ [ (١) ] ، مِنْ بَنِي قَيْنُقَاعٍ وَغَيْرِهِمْ: سَعْدُ بْنُ حُنَيْفٍ، وَزَيْدُ بْنُ اللّصَيْتِ، وَسَلَامَةُ بْنُ الْحُمَامِ، وَنُعْمَانُ بْنُ أَبِي عَامِرٍ، وَرَافِعُ بْنُ حَرْمَلَةَ، وَمَالِكُ بْنُ أَبِي نَوْفَلٍ، وَدَاعِسٌ، وَسُوَيْدٌ. وَكَانُوا أَخَابِثِ الْمُنَافِقِينَ، وَكَانُوا هُمْ الّذِينَ يَعْرِضُونَهُ. وَكَانَ ابْنُهُ عَبْدُ اللهِ لَيْسَ شَيْءٌ أَثْقَلُ عَلَيْهِ وَلَا أَعْظَمُ مِنْ رُؤْيَتِهِمْ، وَكَانَ بِهِ بَطْنٌ، فَكَانَ ابْنُهُ يُغْلِقُ دُونَهُمْ الْبَابَ، فَكَانَ ابْنُ أُبَيّ يَقُولُ: لَا يَلِيَنّي غَيْرُهُمْ. وَيَقُولُ: أَنْتَ وَاَللهِ أَحَبّ إلَيّ مِنْ الْمَاءِ عَلَى الظّمَأِ. وَيَقُولُونَ: لَيْتَ أَنّا نَفْدِيك بِالْأَنْفُسِ، وَالْأَوْلَادِ، وَالْأَمْوَالِ! فَلَمّا وَقَفُوا عَلَى حُفْرَتِهِ، وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاقِفٌ يَلْحَظُهُمْ، ازْدَحَمُوا عَلَى النّزُولِ فِي حُفْرَتِهِ وَارْتَفَعَتْ الْأَصْوَاتُ حَتّى أُصِيبَ أَنْفُ دَاعِسٍ، وَجَعَلَ عُبَادَةُ بْنُ الصّامِتِ يَذُبّهُمْ وَيَقُولُ: اخْفِضُوا أَصْوَاتَكُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ! حَتّى أُصِيبَ أَنْفُ دَاعِسٍ فَسَالَ الدّمُ، وَكَانَ يُرِيدُ أَنْ يَنْزِلَ فِي حُفْرَتِهِ، فَنُحّيَ وَنَزَلَ رِجَالٌ مِنْ قَوْمِهِ، أَهْلُ فَضْلٍ وَإِسْلَامٍ، وَكَانَ لَمّا رَأَوْا مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الصّلَاةِ عَلَيْهِ وَحُضُورِهِ، وَمِنْ الْقِيَامِ عَلَيْهِ. فَنَزَلَ فِي حُفْرَتِهِ ابْنُهُ عَبْدُ اللهِ، وَسَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ بْنِ الصّامِتِ، وَأَوْسُ بْنُ خَوْلِيّ حَتّى سُوّيَ عَلَيْهِ، وَإِنّ عَلَيْهِ أَصْحَابُ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْأَكَابِرُ مِنْ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ يُدَلّونَهُ فِي اللّحْدِ، وَهُمْ قِيَامٌ مَعَ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَزَعَمَ مُجَمّعُ بْنُ جَارِيَةَ أَنّهُ رَأَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُدَلّيهِ بِيَدَيْهِ إلَيْهِمْ، ثُمّ قَامَ عَلَى الْقَبْرِ حَتّى دُفِنَ، وَعَزّى ابْنَهُ وَانْصَرَفَ.
فَكَانَ عَمْرُو بْنُ أُمَيّةَ يَقُولُ: مَا لَقِيَ عَلَيْهِ أَصْحَابُهُ هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقُونَ، إنّهُمْ هُمْ الّذِينَ كَانُوا يَحْثُونَ فِي الْقَبْرِ التّرَابَ وَيَقُولُونَ: يَا لَيْتَ أنّا فديناك بالأنفس
[ (١) ] فى الأصل: «وهم على المنافقين» .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute