للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ يَقُولُ: أَبِي خَيْثَمَةَ وَمَا حَدّثَ نَفْسَهُ بِالتّخَلّفِ عَنْ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِشِدّةِ الْحَرّ وَبُعْدِ الشُّقّة [ (١) ] ، ثُمّ عَزَمَ لَهُ عَلَى الْخُرُوجِ، ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُفٌ رَحِيمٌ. وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذا ضاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ [ (٢) ] إلَى قَوْلِهِ:

التَّوَّابُ الرَّحِيمُ* وَهُوَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ، وَهِلَالُ بْنُ أُمَيّةَ، وَمُرَارَةُ بْنُ الرّبِيعِ.

وَأَمّا قَوْلُهُ: الَّذِينَ خُلِّفُوا يَعْنِي مَنْ تَعَذّرَ إلَى النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمّنْ قُبِلَ مِنْهُمْ. قَوْلُهُ: مَا كانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرابِ [ (٣) ] يعنى غفار، وَأَسْلَمَ، وَجُهَيْنَةَ، وَمُزَيْنَةَ، وَأَشْجَعَ، أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، وَلا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ يَعْنِي عَطَشٌ، وَلا نَصَبٌ يَعْنِي تَعَبٌ، وَلا مَخْمَصَةٌ مجاعة، وَلا يَطَؤُنَ مَوْطِئاً بِلَادَ الْكُفّارِ، وَلا يَنالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صالِحٌ. قَوْلُهُ عَزّ وَجَلّ: وَلا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً ... [ (٤) ] إلَى آخِرِ الْآيَةِ. قَوْلُهُ عَزّ وَجَلّ: وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ ... [ (٥) ] إلَى آخِرِ الْآيَةِ، يَقُولُ: مَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ إذَا خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غزوةٍ أَنْ يَنْفِرُوا كلُّهم وَيَتْرُكُوا الْمَدِينَةَ خُلُوفًا بِهَا الذّرَارِيّ، وَلَكِنْ يَنْفِرُ مِنْ كُلّ قَبِيلَةٍ طَائِفَةٌ. يَقُولُ: بَعْضُهُمْ لِيَنْظُرُوا كَيْفَ سَيْرُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمُشْرِكِينَ وَيَعُوا مَا سَمِعُوا مِنْهُ، وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ يعنى يخافون الله.


[ (١) ] فى الأصل: «المشقة» . والشقة: السفر البعيد. (لسان العرب، ج ١٢، ص ٥١) .
[ (٢) ] سورة ٩ التوبة ١١٨
[ (٣) ] سورة ٩ التوبة ١٢٠
[ (٤) ] سورة ٩ التوبة ١٢١
[ (٥) ] سورة ٩ التوبة ١٢٢