اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كِتَابًا مَعَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ الْمُزَنِيّ يُخْبِرُهُ أَنّهُ لَقِيَ جَمْعًا مِنْ زُبَيْدٍ وَغَيْرِهِمْ، وَأَنّهُ دَعَاهُمْ إلَى الْإِسْلَامِ وَأَعْلَمَهُمْ أَنّهُمْ إنْ أَسْلَمُوا كَفّ عَنْهُمْ، فَأَبَوْا ذَلِكَ وَقَاتَلَهُمْ.
قَالَ عَلِيّ عَلَيْهِ السّلَامُ: فَرَزَقَنِي اللهُ الظّفَرَ عَلَيْهِمْ حَتّى قُتِلَ مِنْهُمْ مَنْ قُتِلَ.
ثُمّ أَجَابُوا إلَى مَا كَانَ عُرِضَ عَلَيْهِمْ، فَدَخَلُوا فِي الْإِسْلَامِ وَأَطَاعُوا بِالصّدَقَةِ، وَأَتَى بِشْرٌ مِنْهُمْ لِلدّينِ، وَعَلّمَهُمْ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ.
فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوَافِيَهُ فِي الْمَوْسِمِ، فَانْصَرَفَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ إلَى عَلِيّ عَلَيْهِ السّلَامُ بِذَلِكَ.
قَالَ: فَحَدّثَنِي سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ العزيز التّنوخىّ، عن يونس بن ميسرة ابن حُلَيْسٍ، قَالَ: لَمّا قَدِمَ عَلِيّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السّلَامُ الْيَمَنَ خَطَبَ بِهِ، وَبَلَغَ كَعْبَ الْأَحْبَارِ قِيَامُهُ بِخُطْبَتِهِ، فَأَقْبَلَ عَلَى رَاحِلَتِهِ فِي حُلّةٍ، مَعَهُ حَبْرٌ مِنْ أَحْبَارِ الْيَهُودِ، حَتّى اسْتَمَعَا لَهُ فَوَاقَفَاهُ، وَهُوَ يَقُولُ: إنّ مِنْ النّاسِ مَنْ يُبْصِرُ بِاللّيْلِ وَلَا يُبْصِرُ بِالنّهَارِ. قَالَ كَعْبٌ: صَدَقَ! فَقَالَ عَلِيّ: وَفِيهِمْ مَنْ لَا يُبْصِرُ بِاللّيْلِ وَلَا يُبْصِرُ بِالنّهَارِ. فَقَالَ كَعْبٌ: صَدَقَ! فَقَالَ عَلِيّ عَلَيْهِ السّلَامُ: وَمَنْ يُعْطِ بِالْيَدِ الْقَصِيرَةِ يُعْطَ بِالْيَدِ الطّوِيلَةِ. فَقَالَ كَعْبٌ: صَدَقَ! فَقَالَ الْحَبْرُ: وَكَيْفَ تُصَدّقُهُ؟ قَالَ: أَمّا قَوْلُهُ: «مِنْ النّاسِ مَنْ يُبْصِرُ بِاللّيْلِ وَلَا يُبْصِرُ بِالنّهَارِ» فَهُوَ الْمُؤْمِنُ بِالْكِتَابِ الأوّل ولا يومن بِالْكِتَابِ الْآخِرِ.
وَأَمّا قَوْلُهُ: «مِنْهُمْ مَنْ لَا يُبْصِرُ بِاللّيْلِ وَلَا يُبْصِرُ بِالنّهَارِ» فَهُوَ الّذِي لَا يُؤْمِنُ بِالْكِتَابِ الْأَوّلِ وَلَا الْآخِرِ. وَأَمّا قَوْلُهُ: «مَنْ يُعْطِ بِالْيَدِ الْقَصِيرَةِ يُعْطَ بِالْيَدِ الطّوِيلَةِ»
فَهُوَ مَا يَقْبَلُ اللهُ مِنْ الصّدَقَاتِ. قَالَ: وَهُوَ مَثَلٌ رَأَيْته بَيّنٌ! قَالُوا: وَجَاءَ كَعْبًا سَائِلٌ فَأَعْطَاهُ حُلّتَهُ، وَمَضَى الْحَبْرُ مُغْضَبًا؟ وَمَثَلَتْ بَيْنَ يَدَيْ كَعْبٍ امْرَأَةٌ تَقُولُ: مَنْ يبادل راحلة براحلة؟ فقال كَعْبٌ: وَزِيَادَةِ حُلّةٍ؟ قَالَتْ: نَعَمْ! فَأَخَذَ كَعْبٌ وَأَعْطَى، وَرَكِبَ الرّاحِلَةَ وَلَبِسَ الْحُلّةَ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute