للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فَأَطْعَنُ بِهَا فِي عَيْنِهِ وَوَقَعَ، وَأَطَأُ بِرِجْلِي عَلَى خَدّهِ حَتّى أَخْرَجْت الْعَنَزَةَ مِنْ حَدَقَتِهِ [ (١) ] وَأَخْرَجْت حَدَقَتَهُ. وَأَخَذَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وآله وَسَلَّمَ الْعَنَزَةَ، فَكَانَتْ تُحْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ.

وَلَمّا جَالَ الْمُسْلِمُونَ وَاخْتَلَطُوا، أَقْبَلَ عَاصِمُ بْنُ أَبِي عَوْفِ بْنِ صُبَيْرَةَ السّهْمِيّ كَأَنّهُ ذِئْبٌ يَقُولُ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، عَلَيْكُمْ بِالْقَاطِعِ، مُفَرّقِ الْجَمَاعَةِ، الْآتِي بِمَا لَا يُعْرَفُ. مُحَمّدٍ! لَا نَجَوْت إنْ نَجَا! وَيَعْتَرِضُهُ أَبُو دُجَانَةَ، فَاخْتَلَفَا ضَرْبَتَيْنِ وضربه أبو دجانة فقتاه. وَوَقَفَ عَلَى سَلَبِهِ يَسْلُبُهُ، فَمَرّ عُمَرُ بْنُ الْخَطّابِ وَهُوَ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ، فَقَالَ: دَعْ سَلَبَهُ حَتّى يُجْهَضَ [ (٢) ] الْعَدُوّ، وَأَنَا أَشْهَدُ لَك بِهِ. وَيُقْبِلُ مَعْبَدُ بْنُ وَهْبٍ، فَضَرَبَ أَبَا دُجَانَةَ ضَرْبَةً، بَرَكَ أَبُو دُجَانَةَ كَمَا يَبْرُكُ الْجَمَلُ، ثُمّ انْتَهَضَ، وَأَقْبَلَ عَلَيْهِ أَبُو دُجَانَةَ فَضَرَبَهُ ضَرَبَاتٍ لَمْ يَصْنَعْ سَيْفُهُ شَيْئًا، حَتّى يَقَعُ مَعْبَدٌ بِحُفْرَةٍ أَمَامَهُ لَا يَرَاهَا، وَبَرَكَ عَلَيْهِ أَبُو دُجَانَةَ، فَذَبَحَهُ ذَبْحًا، وَأَخَذَ سَلَبَهُ.

قَالُوا: وَلَمّا كَانَ يَوْمَئِذٍ، وَرَأَتْ بَنُو مَخْزُومٍ مَقْتَلَ مَنْ قُتِلَ، قَالُوا:

أَبُو الْحَكَمِ، لَا يَخْلُصُ إلَيْهِ، فَإِنّ ابْنَيْ رَبِيعَةَ قَدْ عَجّلَا وَبَطِرَا، وَلَمْ تُحَامِ عَلَيْهِمَا عَشِيرَتُهُمَا. فَاجْتَمَعَتْ بَنُو مَخْزُومٍ فَأَحْدَقُوا بِهِ، فَجَعَلُوهُ فِي مِثْلِ الْحَرَجَةِ [ (٣) ] . وَأَجْمَعُوا أَنْ يَلْبَسُوا لَأْمَةَ أَبِي جَهْلٍ رَجُلًا منهم، فألبسوها عبد الله ابن الْمُنْذِرِ بْنِ أَبِي رِفَاعَةَ، فَصَمَدَ لَهُ عَلِيّ عَلَيْهِ السّلَامُ فَقَتَلَهُ وَهُوَ يَرَاهُ أَبَا جَهْلٍ، وَمَضَى عَنْهُ وَهُوَ يَقُولُ: خُذْهَا وَأَنَا مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطّلِبِ! ثُمّ أَلْبَسُوهَا أَبَا قَيْسِ بْنَ الْفَاكِهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ: فَصَمَدَ لَهُ حَمْزَةُ وهو يراه أبا جهل فضربه


[ (١) ] هكذا فى الأصل. وفى ب، ت: «منعقفه» ، وفى ح: «متعقفة» .
[ (٢) ] فى ت: «نجهض» .
[ (٣) ] قال ابن هشام: الحرجة الشجر الملتف. وفى الحديث عن عمر بن الخطاب أنه سأل أعرابيا عن الحرجة فقال: هي شجرة بين الأشجار لا يوصل إليها. (السيرة النبوية، ج ٢، ص ٢٨٧)