للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فَفَزِعَ عُمَرُ مِنْهُ وَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: دُونَكُمْ الْكَلْبَ! هَذَا عَدُوّ اللهِ الّذِي حَرّشَ بَيْنَنَا يَوْمَ بَدْرٍ، وَحَزَرْنَا لِلْقَوْمِ، وَصَعّدَ فِينَا وَصَوّبَ، يُخْبِرُ قُرَيْشًا أَنّهُ لَا عَدَدَ لَنَا وَلَا كَمِينَ. فَقَامُوا إلَيْهِ فَأَخَذُوهُ،

فَانْطَلَقَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ إلَى النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَذَا عُمَيْرُ بْنُ وَهْبٍ، قَدْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَمَعَهُ السّلَاحُ، وَهُوَ الْغَادِرُ الْخَبِيثُ الّذِي لَا نَأْمَنُهُ عَلَى شَيْءٍ، فَقَالَ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَدْخِلْهُ علىّ! فخرج عمر فأخذ بخمالة سَيْفِهِ فَقَبَضَ بِيَدِهِ عَلَيْهَا، وَأَخَذَ بِيَدِهِ الْأُخْرَى قَائِمَةَ السّيْفِ، ثُمّ أَدْخَلَهُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَلَمّا رَآهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

يَا عُمَرُ، تَأَخّرْ عَنْهُ! فَلَمّا دَنَا عُمَيْرٌ مِنْ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أَنْعِمْ صَبَاحًا! قَالَ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَدْ أَكْرَمَنَا اللهُ عَنْ تَحِيّتِك وَجَعَلَ تَحِيّتَنَا «السّلَامَ» ، وَهِيَ تَحِيّةُ أَهْلِ الْجَنّةِ. قَالَ عُمَيْرٌ: إنّ عَهْدَك بِهَا لَحَدِيثٌ. قَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَدْ أَبْدَلَنَا اللهُ بِهَا خَيْرًا مِنْهَا، فَمَا أَقْدَمَك يَا عُمَيْرُ؟ قَالَ: قَدِمْت فِي أَسِيرِي عِنْدَكُمْ تُقَارِبُونَنَا فِيهِ، فَإِنّكُمْ الْعَشِيرَةُ وَالْأَهْلُ. قَالَ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَمَا بَالُ السّيْفِ؟

قَالَ: قَبّحَهَا اللهُ مِنْ سُيُوفٍ، وَهَلْ أَغْنَتْ مِنْ شَيْءٍ؟ وَإِنّمَا نَسِيته حِينَ نَزَلَتْ وَهُوَ فِي رَقَبَتِي، وَلَعَمْرِي إنّ لِي لَهَمّا غَيْرَهُ! فَقَالَ له رسول الله صلى الله عليه وسلم: اُصْدُقْ، مَا أَقْدَمَك؟ قَالَ: مَا قَدِمْت إلّا فِي أَسِيرِي. قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَمَا شَرَطْت لِصَفْوَانَ بْنِ أُمَيّةَ فِي الْحِجْرِ؟

فَفَزِعَ عُمَيْرٌ فَقَالَ: مَاذَا شَرَطْت لَهُ؟ قَالَ: تَحَمّلْت لَهُ بِقَتْلِي عَلَى أَنْ يَقْضِيَ دَيْنَك وَيَعُولَ عِيَالَك، وَاَللهُ حَائِلٌ بَيْنِي وَبَيْنَك [ (١) ] . قَالَ عُمَيْرٌ: أَشْهَدُ أَنّك رَسُولُ اللهِ وَأَنّك صَادِقٌ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلّا الله! كنّا يا رسول الله نكذّبك


[ (١) ] فى ب، ت: «بينك وبين ذلك» .