للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَاتّبَعَهُ فَقَتَلَهُ، فَاجْتَمَعَتْ بَنُو قَيْنُقَاعَ، وَتَحَايَشُوا فَقَتَلُوا الرّجُلَ، وَنَبَذُوا الْعَهْدَ إلَى النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَارَبُوا، وَتَحَصّنُوا فِي حِصْنِهِمْ، فَسَارَ إلَيْهِمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَاصَرَهُمْ، فَكَانُوا أَوّلَ مَنْ سَارَ إلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم، وأجلى يهود قينقاع، وكانوا أوّل بهود حَارَبَتْ.

فَحَدّثَنِي مُحَمّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ الزّهْرِيّ، عَنْ عُرْوَةَ، قَالَ: لَمّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآية: وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخائِنِينَ [ (١) ] ، فَسَارَ إلَيْهِمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذِهِ الْآيَةِ.

قَالُوا: فَحَصَرَهُمْ فِي حِصْنِهِمْ خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً أَشَدّ الْحِصَارِ حَتّى قَذَفَ اللهُ فِي قُلُوبِهِمْ الرّعْبَ. قَالُوا: أَفَنَنْزِلُ وَنَنْطَلِقُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا، إلّا عَلَى حُكْمِي! فَنَزَلُوا عَلَى حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فَأَمَرَ بِهِمْ فَرُبِطُوا. قَالَ: فَكَانُوا يُكَتّفُونَ كِتَافًا. قالوا: واستعمل رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ عَلَى كِتَافِهِمْ الْمُنْذِرَ بْنَ قُدَامَةَ السّالِمِيّ [ (٢) ] . قَالَ: فَمَرّ بِهِمْ ابْنُ أُبَيّ وَقَالَ: حُلّوهُمْ! فَقَالَ الْمُنْذِرُ: أَتَحُلّونَ قَوْمًا رَبَطَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ وَاَللهِ لَا يَحُلّهُمْ رَجُلٌ إلّا ضَرَبْت عُنُقَهُ. فَوَثَبَ ابْنُ أُبَيّ إلَى النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِي جَنْبِ دِرْعِ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ خَلْفِهِ فَقَالَ: يَا مُحَمّدُ، أَحْسِنْ فِي مَوَالِيّ! فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَضْبَانَ، مُتَغَيّرَ الْوَجْهِ، فَقَالَ: وَيْلَك، أَرْسِلْنِي! فَقَالَ: لَا أُرْسِلُك حَتّى تُحْسِنَ فى موالىّ، أربع مائة دارع وثلاثمائة حَاسِرٍ، مَنَعُونِي يَوْمَ الْحَدَائِقِ وَيَوْمَ بُعَاثٍ مِنْ الأحمر والأسود، تريد أن تحصدهم


[ (١) ] سورة ٨ الأنفال ٥٨
[ (٢) ] هكذا فى كل النسخ. وفى ابن سعد: «السلمى» ، وكذا فى البلاذري أيضا. (الطبقات، ج ٢، ص ١٩) ، (أنساب الأشراف، ج ١، ص ٣٠٩)