للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ابن عَبْدِ الْمُطّلِبِ كِتَابًا وَخَتَمَهُ، وَاسْتَأْجَرَ رَجُلًا مِنْ بَنِي غِفَارٍ وَاشْتَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يَسِيرَ ثَلَاثًا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يُخْبِرَهُ أَنْ قُرَيْشًا قَدْ أَجْمَعَتْ الْمَسِيرَ [ (١) ] إلَيْك فَمَا كُنْت صَانِعًا إذَا حَلّوا بِك فَاصْنَعْهُ. وَقَدْ تَوَجّهُوا إلَيْك [ (٢) ] ، وَهُمْ ثَلَاثَةُ آلَافٍ، وَقَادُوا مِائَتَيْ فَرَسٍ، وَفِيهِمْ سَبْعُمِائَةِ دَارِعٍ وَثَلَاثَةُ آلَافِ بَعِيرٍ، وَأَوْعَبُوا مِنْ السّلَاحِ.

فَقَدِمَ الْغِفَارِيّ فَلَمْ يجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة وَوَجَدَهُ بِقُبَاءَ [ (٣) ] ، فَخَرَجَ حَتّى يَجِدَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى بَابِ مَسْجِدِ قُبَاءَ يَرْكَبُ حِمَارَهُ، فَدَفَعَ إلَيْهِ الْكِتَابَ فَقَرَأَهُ عَلَيْهِ أُبَيّ بْنُ كَعْبٍ وَاسْتَكْتَمَ أُبَيّا مَا فِيهِ، فَدَخَلَ مَنْزِلَ سَعْدِ بْنِ الرّبِيعِ فَقَالَ: فِي الْبَيْتِ أَحَدٌ؟ فَقَالَ سَعْدٌ: لَا، فَتَكَلّمْ بِحَاجَتِك. فَأَخْبَرَهُ بِكِتَابِ الْعَبّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطّلِبِ، وَجَعَلَ سَعْدٌ يَقُولُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إنّي لَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ فِي ذَلِكَ خَيْرٌ، وَقَدْ أَرْجَفَتْ يَهُودُ الْمَدِينَةِ وَالْمُنَافِقُونَ، وَقَالُوا:

مَا جَاءَ مُحَمّدًا شَيْءٌ يُحِبّهُ. فَانْصَرَفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى الْمَدِينَةِ وَاسْتَكْتَمَ سَعْدًا الْخَبَرَ. فَلَمّا خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَتْ امْرَأَةُ سَعْدِ بْنِ الرّبِيعِ إليه فقال: مَا قَالَ لَك رَسُولُ اللهِ؟ فَقَالَ: مَا لَك وَلِذَلِكَ، لَا أُمّ لَك؟ قَالَتْ: قَدْ كُنْت أَسْمَعُ عَلَيْك. وَأَخْبَرَتْ سَعْدًا الْخَبَرَ، فَاسْتَرْجَعَ سَعْدٌ وَقَالَ: لَا أَرَاك تَسْتَمِعِينَ عَلَيْنَا وَأَنَا أَقُولُ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَكَلّمْ بِحَاجَتِك! ثُمّ أَخَذَ يَجْمَعُ لَبّتَهَا [ (٤) ] ، ثُمّ خَرَجَ يَعْدُو بِهَا حَتّى أَدْرَكَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْجِسْرِ [ (٥) ] وَقَدْ بَلَحَتْ [ (٦) ] ، فقال: يا رسول


[ (١) ] فى ح: «قد اجتمعت للمسير» .
[ (٢) ] فى ب، ت، ح: «وقد وجهوا» .
[ (٣) ] قباء: قرية بعوالي المدينة أو متصلة بالمدينة. (وفاء الوفا، ج ٢، ص ٣٥٧) .
[ (٤) ] هكذا فى الأصل. وفى ب: «لببها» ، وفى ت: «لمتها» ، وفى ح: «بجمع ملتها» .
[ (٥) ] لعله يريد جسر بطحان، وهو عند أعلى بطحان بناحية الموضع المعروف بزقاق البيض.
(وفاء الوفا، ج ٢، ص ٢٨١) .
[ (٦) ] بلحت: انقطعت من الإعياء فلم تقدر أن تتحرك. (النهاية، ج ١، ص ٩٢) .