للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

جَنّةٌ مِنْ حَرْمَلٍ، وَاَللهِ مَا قَاتَلْنَا عَلَى جَنّةٍ وَلَا عَلَى نَارٍ، إنّمَا قَاتَلْنَا عَلَى أَحْسَابِنَا! فَأَخْرَجَ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِهِ، فَجَعَلَ يَتَوَجّأُ بِهِ نَفْسَهُ، فَلَمّا أَبْطَأَ عَلَيْهِ الْمِشْقَصُ أَخَذَ السّيْفَ فَاتّكَأَ عَلَيْهِ حَتّى خَرَجَ مِنْ ظَهْرِهِ. فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: مِنْ أَهْلِ النّارِ.

وَكَانَ عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ رَجُلًا أَعْرَجَ، فَلَمّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ- وَكَانَ لَهُ بَنُونَ أَرْبَعَةٌ يَشْهَدُونَ مَعَ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَشَاهِدَ أَمْثَالَ الْأَسَدِ- أَرَادَ بَنُوهُ [ (١) ] أَنْ يَحْبِسُوهُ وَقَالُوا: أَنْتَ رَجُلٌ أَعْرَجُ، وَلَا حَرَجَ عَلَيْك، وَقَدْ ذَهَبَ بَنُوك مَعَ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: بَخٍ! يَذْهَبُونَ إلَى الْجَنّةِ وَأَجْلِسُ أَنَا عِنْدَكُمْ! فَقَالَتْ هِنْدُ بِنْتُ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ امْرَأَتُهُ: كَأَنّي أَنْظُرُ إلَيْهِ مُوَلّيًا، قَدْ أَخَذَ دَرَقَتَهُ، يَقُولُ: اللهُمّ لَا تَرُدّنِي إلَى أَهْلِي خِزْيًا!

فَخَرَجَ وَلَحِقَهُ بَنُوهُ [ (٢) ] يُكَلّمُونَهُ فِي الْقُعُودِ، فَأَتَى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يَا رَسُولَ اللهِ، إنّ بَنِي [ (٣) ] يُرِيدُونَ أَنْ يَحْبِسُونِي عَنْ هَذَا الْوَجْهِ وَالْخُرُوجِ مَعَك، وَاَللهِ إنّي لَأَرْجُو أَنْ أَطَأَ بِعَرْجَتِي هَذِهِ الْجَنّةَ. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أَمّا أَنْتَ، فَقَدْ عَذَرَك اللهُ تَعَالَى وَلَا جِهَادَ عَلَيْك. [فَأَبَى] [ (٤) ] فَقَالَ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِبَنِيهِ: لَا عَلَيْكُمْ أَنْ تَمْنَعُوهُ [ (٥) ] ، لَعَلّ اللهَ يَرْزُقُهُ الشّهَادَةَ. فَخَلّوْا عَنْهُ فَقُتِلَ يَوْمَئِذٍ شَهِيدًا.

فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: نَظَرْت إلَى عمرو بن الجموح حين انكشف المسلمون،


[ (١) ] فى ح: «قومه» .
[ (٢) ] فى ح: «بعض قومه» .
[ (٣) ] فى ح: «قومي» .
[ (٤) ] الزيادة عن ح.
[ (٥) ] فى ت: «ألا تمنعوه» .