للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وَنَظَرَ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيّةَ إلَى حَمْزَةَ يَوْمَئِذٍ وَهُوَ يَهُدّ [ (١) ] النّاسَ فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: حَمْزَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُطّلِبِ. فَقَالَ: مَا رَأَيْت كَالْيَوْمِ رَجُلًا أَسْرَعَ فِي قَوْمِهِ- وَكَانَ يَوْمَئِذٍ مُعْلِمًا بِرِيشَةِ نِسْرٍ. وَيُقَالُ: لَمّا أُصِيبَ حَمْزَةُ جَاءَتْ صَفِيّةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطّلِبِ تَطْلُبُهُ، فَحَالَتْ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ الْأَنْصَارُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: دَعُوهَا! فَجَلَسَتْ عِنْدَهُ فَجَعَلَتْ إذَا بَكَتْ بَكَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِذَا نَشَجَتْ يَنْشِجُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَكَانَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَبْكِي، وَجَعَلَ رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بَكَتْ بَكَى، وَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: لَنْ أُصَابَ بِمِثْلِك [ (٢) ] أَبَدًا! ثُمّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم:

أبشرا! أتانى جبرئيل فَأَخْبَرَنِي أَنّ حَمْزَةَ مَكْتُوبٌ فِي أَهْلِ السّمَوَاتِ السّبْعِ- حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطّلِبِ أَسَدُ اللهِ وَأَسَدُ رَسُولِهِ.

قَالَ: وَرَأَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَثْلًا شَدِيدًا فَأَحْزَنَهُ ذَلِكَ الْمَثْلُ، ثُمّ قَالَ: لَئِنْ ظَفِرْت بِقُرَيْشٍ لَأُمَثّلَن بِثَلَاثِينَ مِنْهُمْ! فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ [ (٣) ] فَعَفَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يُمَثّلْ بِأَحَدٍ.

وَجَعَلَ أَبُو قَتَادَةَ يُرِيدُ أَنْ يَنَالَ مِنْ قُرَيْش، لِمَا رَأَى مِنْ غَمّ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَتْلِ حَمْزَةَ وَمَا مُثّلَ بِهِ، كُلّ ذَلِكَ يُشِيرُ إلَيْهِ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ اجْلِسْ ثَلَاثًا- وَكَانَ قَائِمًا- فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَحْتَسِبُك عِنْدَ اللهِ. ثُمّ قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أبا قتادة، إنّ قُرَيْشًا أَهْلُ أَمَانَةٍ، مَنْ بَغَاهُمْ الْعَوَاثِرَ كبّه الله لفيه، وعسى إن


[ (١) ] فى ت: «يهز» . (انظر هامش ص ٢٨٧) .
[ (٢) ] فى ح: «بمثل حمزة أبدا» .
[ (٣) ] سورة ١٦ النحل ١٢٦.