للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فَرِحًا بِقُفُولِهِمْ إلَى بِلَادِهِمْ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إنّ سَعْدًا لَمُجَرّبٌ! وَيُقَالُ إنّ سَعْدًا لَمّا رَجَعَ جَعَلَ يَرْفَعُ صَوْتَهُ بِأَنْ جَنّبُوا الْخَيْلَ وَامْتَطَوْا الْإِبِلَ، فَجَعَلَ رسول الله صلى الله عليه وسلم يشير إلَى سَعْدٍ أَنْ اخْفِضْ صَوْتَك! قَالَ: ثُمّ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنّ الْحَرْبَ خُدْعَةٌ!

فَلَا تُرِي النّاسَ مِثْلَ هَذَا الْفَرَحَ بِانْصِرَافِهِمْ، فَإِنّمَا رَدّهُمْ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى.

قَالَ الْوَاقِدِيّ: حَدّثَنِي ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ شِبْلٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ: إنْ رَأَيْت الْقَوْمَ يُرِيدُونَ الْمَدِينَةَ فَأَخْبِرْنِي فيما بنين وَبَيْنَك، وَلَا تَفُتّ أَعْضَادَ الْمُسْلِمِينَ.

فَذَهَبَ فَرَآهُمْ قَدْ امْتَطَوْا الْإِبِلَ فَرَجَعَ، فَمَا مَلَكَ أَنْ جَعَلَ يَصِيحُ سُرُورًا بِانْصِرَافِهِمْ.

فَلَمّا قَدِمَ أَبُو سُفْيَانَ عَلَى قُرَيْشٍ بِمَكّةَ لَمْ يَصِلْ إلَى بَيْتِهِ حَتّى أَتَى هُبَلَ فَقَالَ: قَدْ أَنْعَمَتْ وَنَصَرْتنِي وَشَفَيْت نَفْسِي مِنْ مُحَمّدٍ وَأَصْحَابِهِ! وَحَلَقَ رَأْسَهُ.

وَقِيلَ لِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: كَيْفَ كَانَ افْتِرَاقُ الْمُشْرِكِينَ وَالْمُسْلِمِينَ يَوْمَ أُحُدٍ؟ فَقَالَ: مَا تُرِيدُ [ (١) ] إلَى ذَلِكَ؟ قَدْ جَاءَ اللهُ بِالْإِسْلَامِ وَنَفَى الْكُفْرَ وَأَهْلَهُ. ثُمّ قَالَ: لَمّا كَرَرْنَا عَلَيْهِمْ أَصَبْنَا مَنْ أَصَبْنَا مِنْهُمْ وَتَفَرّقُوا فِي كُلّ وَجْهٍ. وَفَاءَتْ لَهُمْ فِئَةٌ بَعْدُ، فَتَشَاوَرَتْ قُرَيْشٌ فَقَالُوا: لَنَا الْغَلَبَةُ، فَلَوْ انْصَرَفْنَا فَإِنّهُ بَلَغَنَا أَنّ ابْنَ أُبَيّ انْصَرَفَ بِثُلُثِ النّاسِ، وَقَدْ تَخَلّفَ نَاسٌ مِنْ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ، وَلَا نَأْمَنُ أَنْ يَكُرّوا عَلَيْنَا وَفِينَا جِرَاحٌ، وَخَيْلُنَا عَامّتُهَا قَدْ عُقِرَتْ مِنْ النّبْلِ. فَمَضَوْا [ (٢) ] ، فَمَا بَلَغْنَا الرّوْحَاءَ حَتّى قَامَ عَلَيْنَا عِدّةٌ مِنْهَا، ومضينا [ (٣) ] .


[ (١) ] فى ت: «ما يريد» ، وفى ح: «ما تريدون» .
[ (٢) ] فى ح: «فمضينا» .
[ (٣) ] فى ح: «وانصرفنا» .