للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابن ذِيَادٍ بِالسّيْفِ صَلْتًا [ (١) ] ، فَلَمّا رَآهُ الْفَتَيَانِ وَلّيَا، وَهُمَا أَعَزَلَانِ لَا سِلَاحَ مَعَهُمَا- وَالْعَدَاوَةُ بَيْنَ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ- فَانْصَرَفَا سَرِيعَيْنِ. وَثَبَتَ الشّيْخُ وَلَا حَرَاكَ بِهِ، فَوَقَفَ عَلَيْهِ مُجَذّرُ بْنُ ذِيَادٍ فَقَالَ: قَدْ أَمْكَنَ اللهُ مِنْك! فَقَالَ: مَا تُرِيدُ بِي؟ قَالَ: قَتْلَك. قَالَ: فَارْفَعْ عَنْ الطّعَامِ وَاخَفْضِ عَنْ الدّمَاغِ، وَإِذَا رَجَعْت إلَى أُمّك فَقُلْ: إنّي قَتَلْت سُوَيْدَ بْنَ الصّامِتِ. وَكَانَ قَتْلُهُ هَيّجَ وَقْعَةَ بُعَاثَ، فَلَمّا قَدِمَ رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة أَسْلَمَ الْحَارِثُ بْنُ سُوَيْدِ بْنِ الصّامِتِ وَمُجَذّرُ بْنُ ذِيَادٍ، فَشَهِدَا بَدْرًا فَجَعَلَ الْحَارِثُ يَطْلُبُ مُجَذّرًا لِيَقْتُلَهُ بِأَبِيهِ، فَلَا يَقْدِرُ [ (٢) ] عَلَيْهِ يَوْمئِذٍ، فَلَمّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ وَجَالَ الْمُسْلِمُونَ تِلْكَ الْجَوْلَةَ أَتَاهُ الْحَارِثُ مِنْ خَلْفِهِ فَضَرَبَ عُنُقَهُ. فَرَجَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى الْمَدِينَةِ ثُمّ خَرَجَ إلَى حَمْرَاءِ الْأَسَدِ، فلمّا رجع من حمراء الأسد أتاه جبرئيل عَلَيْهِ السّلَامُ فَأَخْبَرَهُ أَنّ الْحَارِثَ بْنَ سُوَيْدٍ قَتَلَ مُجَذّرًا غِيلَةً، وَأَمَرَهُ بِقَتْلِهِ. فَرَكِبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى قُبَاءٍ فِي الْيَوْمِ الّذِي أَخْبَرَهُ جِبْرِيلُ، فِي يَوْمٍ حَارّ، وَكَانَ ذَلِكَ يَوْمًا لَا يَرْكَبُ فِيهِ رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قُبَاءٍ، إنّمَا كَانَتْ الْأَيّامُ الّتِي يَأْتِي فِيهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُبَاءَ يَوْمَ السّبْتِ وَيَوْمَ الِاثْنَيْنِ. فَلَمّا دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسْجِدَ قُبَاءٍ صَلّى فِيهِ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يُصَلّيَ.

وَسَمِعَتْ الْأَنْصَارُ فَجَاءَتْ تُسَلّمُ [ (٣) ] عَلَيْهِ، وَأَنْكَرُوا إتْيَانَهُ فِي تَلِك السّاعَةِ وَفِي ذَلِكَ الْيَوْمِ،

فَجَلَسَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَحَدّثُ وَيَتَصَفّحُ النّاسَ حَتّى طَلَعَ الْحَارِثُ بْنُ سُوَيْدٍ فِي مِلْحَفَةٍ مُوَرّسَةٍ [ (٤) ] ، فَلَمّا رَآهُ رَسُولُ اللهِ


[ (١) ] صلتا: أى مجردا. (النهاية، ج ٢، ص ٢٧١) .
[ (٢) ] فى ب: «فلا هدر عليه» .
[ (٣) ] فى ح: «فجاموا يسلمون عليه» .
[ (٤) ] الورس: نبت أصفر يصبغ به. (النهاية، ج ٤، ص ٢٠٤) .