للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَسَمِعَ الْبُكَاءَ فَقَالَ: مَا هَذَا؟ فَقِيلَ: نِسَاءُ الْأَنْصَارِ يَبْكِينَ عَلَى حَمْزَةَ.

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: رَضِيَ اللهُ عَنْكُنّ وَعَنْ أَوْلَادِكُنّ! وَأَمَرَنَا أَنْ نُرَدّ إلَى مَنَازِلِنَا [ (١) ] . قَالَتْ [ (٢) ] : فَرَجَعْنَا إلَى بُيُوتِنَا بَعْدَ لَيْلٍ، مَعَنَا رِجَالُنَا، فَمَا بَكَتْ مِنّا امْرَأَةٌ قَطّ إلّا بَدَأَتْ بِحَمْزَةَ إلَى يَوْمِنَا هَذَا.

وَيُقَالُ إنّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ جَاءَ بِنِسَاءِ بَنِي سَلِمَةَ، وَجَاءَ عَبْدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ بِنِسَاءِ بَلْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ، ثُمّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

مَا أَرَدْت هَذَا!

وَنَهَاهُنّ الْغَدَ عَنْ النّوْحِ أَشَدّ النّهْيِ.

وَصَلّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَغْرِبَ بِالْمَدِينَةِ، وَرَجَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى الْمَدِينَةِ عِنْدَ نَكْبَةٍ قَدْ أَصَابَتْ أَصْحَابَهُ، وَأُصِيبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَفْسِهِ. فَجَعَلَ ابْنُ أُبَيّ وَالْمُنَافِقُونَ مَعَهُ يَشْمَتُونَ وَيُسَرّونَ بِمَا أَصَابَهُمْ وَيُظْهِرُونَ أَقْبَحَ الْقَوْلِ. وَرَجَعَ مَنْ رَجَعَ مِنْ أَصْحَابِهِ وَعَامّتُهُمْ جَرِيحٌ، وَرَجَعَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أُبَيّ وَهُوَ جَرِيحٌ، فَبَاتَ يَكْوِي الْجِرَاحَةَ بِالنّارِ حَتّى ذَهَبَ اللّيْلُ، وَجَعَلَ أَبُوهُ يَقُولُ: مَا كَانَ خُرُوجُك مَعَهُ إلَى هَذَا الْوَجْهِ بِرَأْيٍ! عَصَانِي مُحَمّدٌ وَأَطَاعَ الْوِلْدَانَ، وَاَللهِ لَكَأَنّي كُنْت أَنْظُرُ إلَى هَذَا. فَقَالَ ابْنُهُ: الّذِي صَنَعَ اللهُ لِرَسُولِهِ وَلِلْمُسْلِمِينَ خَيْرٌ.

وَأَظْهَرَتْ الْيَهُودُ الْقَوْلَ السّيّئَ فَقَالُوا: مَا مُحَمّدٌ إلّا طَالِبُ مُلْكٍ، مَا أُصِيبَ هَكَذَا نَبِيّ قَطّ، أُصِيبَ فِي بَدَنِهِ وَأُصِيبَ فِي أَصْحَابِهِ! وَجَعَلَ الْمُنَافِقُونَ يُخَذّلُونَ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أَصْحَابَهُ وَيَأْمُرُونَهُمْ بِالتّفَرّقِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَجَعَلَ الْمُنَافِقُونَ يَقُولُونَ لِأَصْحَابِ رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو كَانَ مَنْ قُتِلَ مِنْكُمْ عِنْدَنَا مَا قُتِلَ. حتى سمع


[ (١) ] فى ح: «وأمر النساء أن يرجعن إلى منازلهم» .
[ (٢) ] أى قالت أم سعد بن معاذ.