وسلم فَصَلّى الْعَصْرَ، وَلَمْ يَمَسّ مَاءً، ثُمّ قَامَتْ امْرَأَةُ سَعْدِ بْنِ رَبِيعٍ فَقَالَتْ:
يَا رَسُولَ اللهِ، إنّ سَعْدَ بْنَ رَبِيعٍ قُتِلَ بِأُحُدٍ، فَجَاءَ أَخُوهُ فَأَخَذَ مَا تَرَكَ، وَتَرَكَ ابْنَتَيْنِ وَلَا مَالَ لَهُمَا، وَإِنّمَا يُنْكَحُ- يَا رَسُولَ اللهِ- النّسَاءُ عَلَى الْمَالِ.
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:، اللهُمّ أَحْسِنْ الْخِلَافَةَ عَلَى تَرِكَتِهِ، لَمْ يَنْزِلْ عَلَيّ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ، وَعُودِي إلَيّ إذَا رَجَعْت! فَلَمّا رَجَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى بَيْتِهِ جَلَسَ عَلَى بَابِهِ وَجَلَسْنَا مَعَهُ، فَأَخَذَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُرَحَاءُ حَتّى ظَنَنّا أَنّهُ أَنْزَلَ عَلَيْهِ. قَالَ: فَسُرّيَ عَنْهُ وَالْعَرَقُ يَتَحَدّرُ عَنْ جَبِينِهِ مِثْلَ الْجُمَانِ. فَقَالَ: عَلَيّ بِامْرَأَةِ سَعْدٍ! قَالَ: فَخَرَجَ أَبُو مَسْعُودٍ عُقْبَةُ بْنُ عَمْرٍو حَتّى جَاءَ بِهَا. قَالَ: وَكَانَتْ امْرَأَةً حَازِمَةً جَلْدَةً، فَقَالَ: أَيْنَ عَمّ وَلَدِك؟ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، فِي مَنْزِلِهِ. قَالَ: اُدْعِيهِ لِي! ثُمّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اجْلِسِي! فَجَلَسَتْ وَبَعَثَ رَجُلًا يَعْدُو إلَيْهِ فَأَتَى بِهِ وَهُوَ فِي بَلْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ، فَأَتَى وَهُوَ مُتْعَبٌ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ادْفَعْ إلَى بَنَاتِ أَخِيك ثُلُثَيْ مَا تَرَكَ أَخُوك.
فَكَبّرَتْ امْرَأَتُهُ تَكْبِيرَةً سَمِعَهَا أَهْلُ الْمَسْجِدِ، وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ادْفَعْ إلَى زَوْجَةِ أَخِيك الثّمُنَ وَشَأْنُك وَسَائِرُ مَا بِيَدِك.
وَلَمْ يُوَرّثْ الْحَمْلَ يَوْمئِذٍ. وَهِيَ أُمّ سَعْدِ بِنْتُ سَعْدِ بْنِ رَبِيعٍ امْرَأَةُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أُمّ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ. فَلَمّا وَلِيَ عُمَرُ بْنُ الْخَطّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَقَدْ تَزَوّجَ زَيْدٌ أُمّ سَعْدِ بِنْتَ سَعْدٍ وَكَانَتْ حَامِلًا، فَقَالَ: إنْ كَانَتْ لَك حَاجَةٌ أَنْ تَكَلّمِي فِي مِيرَاثِك مِنْ أَبِيك، فَإِنّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ وَرّثَ الْحَمْلَ الْيَوْمَ، وَكَانَتْ أُمّ سَعْدٍ يَوْمَ قُتِلَ أَبُوهَا سَعْدٌ حَمْلًا. فَقَالَتْ: مَا كُنْت لِأَطْلُبَ مِنْ أَخِي شَيْئًا.
وَلَمّا انْكَشَفَ الْمُشْرِكُونَ بِأُحُدٍ [ (١) ] كَانَ أوّل من قدم بخبر أحد وانكشاف
[ (١) ] فى ب، ت: «ولما انكشف المشركون بأحد حين انهزموا» .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute