للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غَضَبًا شَدِيدًا وَلِمَنْ أَصَبْتُمْ مِنْ أَشْرَافِهِمْ. قَالُوا: وَيْلَك! مَا تَقُولُ؟ قَالَ:

وَاَللهِ مَا نَرَى أَنْ نَرْتَحِلَ حَتّى نَرَى نَوَاصِيَ الْخَيْلِ! ثُمّ قَالَ مَعْبَدُ: لَقَدْ حَمَلَنِي مَا رَأَيْت مِنْهُمْ أَنْ قُلْت أَبْيَاتًا:

كَادَتْ تُهَدّ [ (١) ] مِنْ الْأَصْوَاتِ رَاحِلَتِي ... إذْ سَالَتْ الْأَرْضُ بِالْجُرْدِ [ (٢) ] الْأَبَابِيلِ

تَعْدُو [ (٣) ] بِأُسْدٍ كَرَامٍ لَا تَنَابِلَةٍ [ (٤) ] ... عِنْدَ اللّقَاءِ وَلَا مِيلٍ [ (٥) ] مَعَازِيلِ

فَقُلْت وَيْلَ ابْنَ حَرْبٍ مِنْ لِقَائِهِمْ ... إذَا تَغَطْمَطَتْ [ (٦) ] الْبَطْحَاءُ بِالْجِيلِ

وَكَانَ مِمّا [ (٧) ] رَدّ اللهُ تَعَالَى أَبَا سُفْيَانَ وَأَصْحَابَهُ كَلَامُ صَفْوَانِ بْنِ أُمَيّةَ قَبْلَ أَنْ يَطْلُعَ مَعْبَدُ وَهُوَ يَقُولُ: يَا قَوْمِ، لَا تَفْعَلُوا! فَإِنّ الْقَوْمَ قَدْ حَزِنُوا [ (٨) ] وَأَخْشَى أَنْ يَجْمَعُوا عَلَيْكُمْ مَنْ تَخَلّفَ مِنْ الْخَزْرَجِ، فَارْجِعُوا وَالدّوْلَةُ لَكُمْ، فَإِنّي لَا آمَنُ إنْ رَجَعْتُمْ أَنْ تَكُونَ الدّوْلَةُ عَلَيْكُمْ.

قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَرْشَدُهُمْ صَفْوَانُ وَمَا كَانَ بِرَشِيدٍ، وَاَلّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَقَدْ سُوّمَتْ [ (٩) ] لَهُمْ الْحِجَارَةُ، وَلَوْ رَجَعُوا لَكَانُوا كَأَمْسِ الذّاهِبِ!

فَانْصَرَفَ الْقَوْمُ سِرَاعًا خَائِفِينَ مِنْ الطّلَبِ لَهُمْ، وَمَرّ بِأَبِي سفيان نفر من عبد القيس


[ (١) ] تهد: تسقط لهول ما رأت من أصوات الجيش وكثرته. (شرح أبى ذر، ص ٢٣٢) .
[ (٢) ] الجرد: الخيل العتاق. والأبابيل: الجماعات. (شرح أبى ذر، ص ٢٣٢) .
[ (٣) ] فى الأصل: «تغدوا» ، وما أثبتناه عن سائر النسخ.
[ (٤) ] فى الأصل: «كرار لا تنابلة» ، وفى ح: «ضراء لا تنابلة» ، وما أثبتناه قراءة ب، وكذا فى ابن إسحاق أيضا. (السيرة النبوية، ج ٣، ص ١٠٩) ، والتنابلة: الفصار.
(شرح أبى ذر، ص ٢٣٣) .
[ (٥) ] الميل: جمع أميل وهو الذي لا رمح معه، وقيل هو الذي لا ترس معه، وقيل هو الذي لا يثبت على السرج. (شرح أبى ذر، ص ٢٣٣) .
[ (٦) ] فى ح: «تقططت» . وتغطمطت: اهتزت وارتجت. (شرح أبى ذر، ص ٢٣٣) .
[ (٧) ] فى ب: «ممن» .
[ (٨) ] فى ت: «قد حربوا» .
[ (٩) ] سومت: أعلمت، أى جعلت لها علامة يعرف بها أنها من عند الله تعالى. (شرح أبى ذر، ص ٢٣٣) .