مُمَالِيك ثَلَاثَةٍ، وَأَفْلَتْ سَائِرُهُمْ فَجَاءُوا جَمْعَهُمْ فَخَبّرُوهُمْ الْخَبَرَ وَحَذّرُوهُمْ جَمْعَ أَبِي سَلَمَةَ، وَكَثّرُوهُ عِنْدَهُمْ فَتَفَرّقَ الْجَمْعُ فِي كُلّ وَجْهٍ. وَوَرَدَ أَبُو سَلَمَةَ الْمَاءَ فَيَجِدُ الْجَمْعَ قَدْ تَفَرّقَ، فَعَسْكَرَ وَفَرّقَ أَصْحَابَهُ فِي طَلَبِ النّعَمِ وَالشّاءِ، فَجَعَلَهُمْ ثَلَاثَ فِرَقٍ- فِرْقَةٌ أَقَامَتْ مَعَهُ، وَفِرْقَتَانِ أَغَارَتَا فِي نَاحِيَتَيْنِ شَتّى.
وَأَوْعَزَ إلَيْهِمَا أَلّا يُمْعِنُوا فِي طَلَبٍ وَأَلّا يَبِيتُوا إلّا عِنْدَهُ إنْ سَلّمُوا، وَأَمَرَهُمْ أَلّا يَفْتَرِقُوا، وَاسْتَعْمَلَ عَلَى كُلّ فِرْقَةٍ عَامِلًا مِنْهُمْ. فَآبُوا إلَيْهِ جَمِيعًا سَالِمِينَ، قَدْ أَصَابُوا إبِلًا وَشَاءً وَلَمْ يَلْقَوْا أَحَدًا، فَانْحَدَرَ أَبُو سَلَمَةَ بِذَلِكَ كُلّهِ إلَى الْمَدِينَةِ رَاجِعًا، وَرَجَعَ مَعَهُ الطّائِيّ، فَلَمّا سَارُوا لَيْلَةً قَالَ أَبُو سَلَمَةَ: اقْتَسِمُوا غَنَائِمَكُمْ. فَأَعْطَى أَبُو سَلَمَةَ الطّائِيّ الدّلِيلَ رِضَاهُ مِنْ الْمَغْنَمِ، ثُمّ أَخَرَجَ صَفِيّا لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدًا، ثُمّ أَخْرَجَ الْخُمُسَ، ثُمّ قَسَمَ مَا بَقِيَ بَيْنَ أَصْحَابِهِ فَعَرَفُوا سُهْمَانَهُمْ، ثُمّ أَقْبَلُوا بِالنّعَمِ وَالشّاءِ يَسُوقُونَهَا حَتّى دَخَلُوا الْمَدِينَةَ.
قَالَ عُمَرُ بْنُ عُثْمَانَ: فَحَدّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بن عمير، عن عبد الرحمن ابن سَعِيدِ بْنِ يَرْبُوعٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، قَالَ: كَانَ الّذِي جَرَحَ أَبَا سَلَمَةَ أَبُو أُسَامَةَ الْجُشَمِيّ، رَمَاهُ يَوْمَ أُحُدٍ بِمَعْبَلَةٍ فِي عَضُدِهِ، فَمَكَثَ شَهْرًا يُدَاوِيهِ فَبَرَأَ فِيمَا نَرَى، وَبَعَثَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمُحَرّمِ عَلَى رَأْسِ خَمْسَةٍ وَثَلَاثِينَ شَهْرًا إلَى قَطَنٍ، وَغَابَ بِضْعَ عَشْرَةٍ. فَلَمّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ انْتَقَضَ الْجُرْحُ، فَمَاتَ لِثَلَاثِ لَيَالٍ بَقِينَ مِنْ جُمَادَى الْآخِرَةِ، فَغَسَلَ مِنْ الْيَسِيرَةِ- بِئْرِ بَنِي أُمَيّةَ- بَيْنَ الْقَرْنَيْنِ، وَكَانَ اسْمُهَا فِي الْجَاهِلِيّةِ الْعَبِيرُ فَسَمّاهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْيَسِيرَةَ، ثُمّ حُمِلَ مِنْ بَنِي أُمَيّةَ فَدُفِنَ بِالْمَدِينَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute