للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَمَاتَ فِيهِ، فَصَلّى عَلَيْهِ عُمَرُ وَقَالَ: هُوَ مِنْ شُهَدَاءِ الْيَمَامَةِ لِأَنّهُ جُرِحَ بِالْيَمَامَةِ.

قَالَ الْوَاقِدِيّ: فَحَدّثْت يَعْقُوبَ بْنَ مُحَمّدِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ حَدِيثَ أَبِي سَلَمَةَ كُلّهُ فَقَالَ: أَخْبَرَنِي أيوب بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة قال:

بعث رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ أَبَا سَلَمَةَ فِي الْمُحَرّمِ عَلَى رَأْسِ أَرْبَعَةٍ وَثَلَاثِينَ شَهْرًا، فِي مِائَةٍ وَخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ رَجُلًا فِيهِمْ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقّاصٍ، وَأَبُو حُذَيْفَةَ بْنُ عُتْبَةَ، وَسَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ. فَكَانُوا يَسِيرُونَ اللّيْلَ وَيَكْمُنُونَ النّهَارَ حَتّى وَرَدُوا قَطَنٍ، فَوَجَدُوا الْقَوْمَ قَدْ جَمَعُوا جَمْعًا فَأَحَاطَ بِهِمْ أَبُو سَلَمَةَ فِي عَمَايَةِ الصّبْحِ، وَقَدْ وَعَظَ الْقَوْمَ وَأَمَرَهُمْ بِتَقْوَى اللهِ، وَرَغّبَهُمْ فِي الْجِهَادِ وَحَضّهُمْ عَلَيْهِ، وَأَوْعَزَ إلَيْهِمْ فِي الْإِمْعَانِ فِي الطّلَبِ، وَأَلّفَ بَيْنَ كُلّ رَجُلَيْنِ.

فَانْتَبَهَ الْحَاضِرُ قَبْلَ حَمْلَةِ الْقَوْمِ عَلَيْهِمْ، فَتَهَيّئُوا وَأَخَذُوا السّلَاحَ، أَوْ مَنْ أَخَذَهُ مِنْهُمْ، وَصَفّوا لِلْقِتَالِ. وَحَمَلَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقّاصٍ عَلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ فَضَرَبَهُ فَأَبَانَ رِجْلَهُ، ثُمّ ذَفّفَ عَلَيْهِ، وحمل رجل من الأعراب على مسعود ابن عُرْوَةَ، فَحَمَلَ عَلَيْهِ بِالرّمْحِ فَقَتَلَهُ، وَخَافَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى صَاحِبِهِمْ أَنْ يُسْلَبَ مِنْ ثِيَابِهِ فَحَازُوهُ إلَيْهِمْ. ثُمّ صَاحَ سَعْدٌ: مَا يُنْتَظَرُ! فَحَمَلَ أَبُو سَلَمَةَ فَانْكَشَفَ الْمُشْرِكُونَ عَلَى حَامِيَتِهِمْ، وَتَبِعَهُمْ الْمُسْلِمُونَ، ثُمّ تَفَرّقَ الْمُشْرِكُونَ فِي كُلّ وَجْهٍ، وَأَمْسَكَ أَبُو سَلَمَةَ عَنْ الطّلَبِ فَانْصَرَفُوا إلَى الْمَحَلّةِ، فَوَارَوْا صَاحِبَهُمْ وَأَخَذُوا مَا خَفّ لَهُمْ مِنْ مَتَاعِ الْقَوْمِ [ (١) ] ، وَلَمْ يَكُنْ فِي الْمَحَلّةِ ذُرّيّةٌ، ثُمّ انْصَرَفُوا رَاجِعِينَ إلَى الْمَدِينَةِ، حَتّى إذَا كَانُوا مِنْ الْمَاءِ عَلَى مَسِيرَةِ لَيْلَةٍ أَخْطَئُوا الطّرِيقَ، فَهَجَمُوا عَلَى نَعَمٍ لَهُمْ فِيهِمْ رِعَاؤُهُمْ، وَإِنّمَا نَكّبُوا عَنْ سَنَنِهِمْ، فَاسْتَاقُوا النّعَمَ وَاسْتَاقُوا الرّعَاءَ، فَكَانَتْ غَنَائِمُهُمْ سَبْعَةَ أَبْعِرَةٍ.

فَحَدّثَنِي ابن أبي سبرة، عن الحارث بن الفضيل، قال: قال سعد


[ (١) ] فى ب، ت: «متاع الصرم» .