نَتَخَلّفَ عَنْ الْقَوْمِ، فَيَرَوْنَ أَنّ هَذَا جُبْنٌ منّا عنهم، فسر لموعدهم، فو الله إنّ فِي ذَلِكَ لَخِيرَةٌ! فَسُرّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ ثُمّ قَالَ: وَاَلّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَأَخْرُجَن وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مَعِي أَحَدٌ!
قَالَ: فَلَمّا تَكَلّمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَكَلّمَ بِمَا بَصّرَ اللهُ عَزّ وَجَلّ الْمُسْلِمِينَ، وَأَذْهَبَ مَا كَانَ رَعَبَهُمْ الشّيْطَانُ، وَخَرَجَ الْمُسْلِمُونَ بِتِجَارَاتٍ لَهُمْ إلَى بَدْرٍ.
فَحُدّثْت عَنْ يَزِيدَ، عَنْ خَصِيفَةَ، قَالَ: كَانَ عُثْمَانُ بْنُ عَفّانَ رَحِمَهُ اللهُ يَقُولُ: لَقَدْ رَأَيْتنَا وَقَدْ قُذِفَ الرّعْبُ فِي قُلُوبِنَا، فَمَا أَرَى أَحَدًا لَهُ نِيّةٌ فِي الْخُرُوجِ، حَتّى أَنْهَجَ اللهُ تَعَالَى لِلْمُسْلِمِينَ بَصَائِرَهُمْ، وَأَذْهَبَ عَنْهُمْ تَخْوِيفَ الشّيْطَانِ. فَخَرَجُوا فَلَقَدْ خَرَجْت بِبِضَاعَةٍ إلَى مَوْسِمِ بَدْرٍ، فَرَبِحْت لِلدّينَارِ دِينَارًا، فَرَجَعْنَا بِخَيْرٍ وَفَضْلٍ مِنْ رَبّنَا. فَسَارَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمُسْلِمِينَ وَخَرَجُوا بِبَضَائِعَ لَهُمْ وَنَفَقَاتٍ، فَانْتَهَوْا إلَى بَدْرٍ لَيْلَةَ هِلَالِ ذِي الْقَعْدَةِ، وَقَامَ السّوقُ صَبِيحَةَ الْهِلَالِ، فَأَقَامُوا ثَمَانِيَةَ أَيّامٍ وَالسّوقُ قَائِمَةٌ.
وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ خَرَجَ فِي أَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ وَكَانَتْ الْخَيْلُ عَشْرَةَ أَفْرَاسٍ: فَرَسٌ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَفَرَسٌ لِأَبِي بَكْرٍ، وَفَرَسٌ لِعُمَرَ، وَفَرَسٌ لِأَبِي قَتَادَةَ، وَفَرَسٌ لِسَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ، وَفَرَسٌ لِلْمِقْدَادِ، وَفَرَسٌ لِلْحُبَابِ، وَفَرَسٌ لِلزّبَيْرِ، وَفَرَسٌ لِعَبّادِ بْنِ بِشْرٍ.
فَحَدّثَنِي عَلِيّ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ الْمِقْدَادُ: شَهِدْت بَدْرَ الْمَوْعِدَ عَلَى فَرَسِي سُبْحَةً، أَرْكَبُ ظَهْرَهَا ذَاهِبًا وَرَاجِعًا، فَلَمْ يَلْقَ كَيْدًا. ثُمّ إنّ أَبَا سُفْيَانَ قَالَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، قَدْ بَعَثْنَا نُعَيْمَ بْنَ مَسْعُودٍ لِأَنْ يَخْذُلَ أَصْحَابَ مُحَمّدٍ عَنْ الْخُرُوجِ وَهُوَ جَاهِدٌ، وَلَكِنْ نَخْرُجُ نَحْنُ فَنَسِيرُ لَيْلَةً أَوْ لَيْلَتَيْنِ ثُمّ نَرْجِعُ، فَإِنْ كَانَ مُحَمّدٌ لَمْ يَخْرُجْ بَلَغَهُ أَنّا خَرَجْنَا فَرَجَعْنَا لِأَنّهُ لَمْ يَخْرُجْ، فَيَكُونُ هَذَا لَنَا عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ خَرَجَ أَظْهَرَنَا أَنّ هَذَا عَامُ جَدْبٍ وَلَا يُصْلِحُنَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute