للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَوْلُهُ، فَخَرَجَ فِي أَرْبَعِمِائَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَقَالَ قَائِلٌ: كَانُوا سَبْعَمِائَةٍ أَوْ ثَمَانَمِائَةٍ.

وَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْمَدِينَةِ، حَتّى سَلَكَ عَلَى الْمَضِيقِ [ (١) ] ثُمّ أَفْضَى إلَى وَادِي الشّقَرَةِ فَأَقَامَ بِهِ يَوْمًا، وَبَثّ السّرَايَا فَرَجَعُوا إلَيْهِ مَعَ اللّيْلِ، وَخَبّرُوهُ أَنّهُمْ لَمْ يَرَوْا أَحَدًا وَقَدْ وَطِئُوا آثَارًا حَدِيثَةً. ثُمّ سَارَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى أصحابه حتى أبى مَحَالّهُمْ، فَيَجِدُونَ الْمَحَالّ لَيْسَ فِيهَا أَحَدٌ، وَقَدْ ذَهَبَتْ الْأَعْرَابُ إلَى رُءُوسِ الْجِبَالِ وَهُمْ مُطِلّونَ عَلَى النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَدْ خَافَ النّاسُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَالْمُشْرِكُونَ مِنْهُمْ قَرِيبٌ وَخَافَ الْمُسْلِمُونَ أَنْ يُغِيرُوا عَلَيْهِمْ وَهُمْ غَارّونَ. وَخَافَتْ الْأَعْرَابُ أَلّا يَبْرَحَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتّى يَسْتَأْصِلَهُمْ.

وَفِيهَا صَلّى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف. فحدّثنى ربيعة ابن عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: فَكَانَ أَوّلَ مَا صَلّى يَوْمَئِذٍ صَلَاةُ الْخَوْفِ، وَخَافَ أَنْ يُغِيرُوا عَلَيْهِ وَهُمْ فِي الصّلَاةِ وَهُمْ صُفُوفٌ.

فَحَدّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عُثْمَانَ، عَنْ أَخِيهِ، عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمّدٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوّاتٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: صَلّيْت مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ صَلَاةَ الْخَوْفِ، فَاسْتَقْبَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقِبْلَةَ وَطَائِفَةٌ خَلْفَهُ وَطَائِفَةٌ مُوَاجِهَةٌ الْعَدُوّ، فَصَلّى بِالطّائِفَةِ الّتِي خَلْفَهُ رَكْعَةً وَسَجْدَتَيْنِ، ثُمّ ثَبَتَ قَائِمًا فَصَلّوْا خَلْفَهُ رَكْعَةً وَسَجْدَتَيْنِ، ثُمّ سَلّمُوا، وَجَاءَتْ الطّائِفَةُ الْأُخْرَى فَصَلّى بِهِمْ رَكْعَةً وَسَجْدَتَيْنِ، وَالطّائِفَةُ الْأُولَى مُقْبِلَةٌ عَلَى الْعَدُوّ، فَلَمّا صَلّى بِهِمْ رَكْعَةً ثَبَتَ جَالِسًا حَتّى أَتَمّوا لِأَنْفُسِهِمْ رَكْعَةً وسجدتين ثم سلّم.


[ (١) ] المضيق: قرية كبيرة قريبة من الفرع. (وفاء الوفا، ج ٢، ص ٢٣٩) .