للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثُمّ انْتَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى الْمُرَيْسِيعِ وَهُوَ الْمَاءُ فَنَزَلَهُ، وَضُرِبَ [ (١) ] لرسول الله صلى الله عليه وسلم قبة مِنْ أَدَمٍ، وَمَعَهُ مِنْ نِسَائِهِ عَائِشَةُ وَأُمّ سَلَمَةَ. وَقَدْ اجْتَمَعُوا عَلَى الْمَاءِ وَأَعَدّوا وَتَهَيّئُوا لِلْقِتَالِ، فَصَفّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ، وَدَفَعَ رَايَةَ الْمُهَاجِرِينَ إلَى أَبِي بكر رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَرَايَةَ الْأَنْصَارِ إلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَيُقَالُ كَانَ مَعَ عَمّارِ بْنِ يَاسِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ رَايَةُ الْمُهَاجِرِينَ.

ثُمّ أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُمَرَ بْنَ الْخَطّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَنَادَى فِي النّاسِ: قُولُوا لَا إلَهَ إلّا اللهُ، تَمْنَعُوا بِهَا أَنَفْسَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ.

فَفَعَلَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَأَبَوْا. فَكَانَ أَوّلَ مَنْ رَمَى رَجُلٌ مِنْهُمْ بِسَهْمٍ، فَرَمَى الْمُسْلِمُونَ سَاعَةً بِالنّبْلِ، ثُمّ إنّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ أَصْحَابَهُ أَنْ يَحْمِلُوا، فَحَمَلُوا حَمْلَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ فَمَا أَفْلَتَ مِنْهُمْ إنْسَانٌ، وَقُتِلَ عَشَرَةٌ مِنْهُمْ وَأُسِرَ سَائِرُهُمْ. وَسَبَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرّجَالَ وَالنّسَاءَ وَالذّرّيّةَ، [وَغُنِمَتْ] النّعَمُ وَالشّاءُ، وَمَا قُتِلَ أَحَدٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ إلّا رَجُلٌ وَاحِدٌ.

وَكَانَ أَبُو قَتَادَةَ يُحَدّثُ قَالَ: حَمَلَ لِوَاءَ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَئِذٍ صَفْوَانُ ذُو الشّقْرِ، فَلَمْ تَكُنْ لِي بِأُهْبَةٍ حَتّى شَدَدْت عَلَيْهِ وَكَانَ الْفَتْحُ. وَكَانَ شَعَارُهُمْ:

يَا مَنْصُورُ، أَمِتْ أَمِتْ! وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُحَدّثُ أَنّ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَغَارَ عَلَى بَنِي الْمُصْطَلِقِ وَهُمْ غَارّونَ، وَنَعَمُهُمْ تُسْقَى عَلَى الْمَاءِ، فَقَتَلَ مُقَاتِلَتَهُمْ وَسَبَى ذَرَارِيّهُمْ. وَالْحَدِيثُ الْأَوّلُ أَثْبَتُ عِنْدَنَا.

وَكَانَ هَاشِمُ بْنُ ضُبَابَةَ [ (٢) ] قَدْ خَرَجَ فِي طَلَبِ العدوّ، فرجع فى ريح


[ (١) ] فى ب: «واضطرب» .
[ (٢) ] هكذا فى النسخ. وفى كل مراجع السيرة الأخرى: «هشام بن صبابة» .